تكليفية أو قيل بأنه لا معنى لجعلها الا جعل احكام تكليفية طريقية مماثلة للمؤديات من جهة انها من الوضعيات المنتزعة عن التكليفيات ولا تنالها يد الجعل مستقلا، فاجتماع حكمين تكليفيين وان كان يلزم حينئذ ولكنهما ليس بمثلين أو ضدين فان الحكم الظاهري حكم طريقي عن مصلحة في نفسه بلا إرادة متعلقة بمتعلقه ولا مصلحة في متعلقه وراء مصلحة الواقع، والحكم الواقعي حكم نفسي عن مصلحة في متعلقه ويكون على طبقه الإرادة. (هذه خلاصة ما ذكره في الكفاية) وكان يبنى عليه أخيرا.
ولا يخفى عليك ان ما ذكره المحقق المذكور في حاشيته يناقض ظاهرا ما ذكره في الكفاية أخيرا حيث صرح في الحاشية بان الحكم الواقعي انشائي محض، والحكم الظاهري فعلى، وصرح في الكفاية بان الحكم الواقعي هو الفعلي الذي يكون على طبقه إرادة البعث والزجر، والحكم الظاهري حكم طريقي ليس على وفقه الإرادة والكراهة أصلا. ومعنى كونه طريقيا انه ليس حكما حقيقيا في قبال الحكم الواقعي بل إن طابق الواقع فهو عينه، وان خالفه كان حكما صوريا ليس على طبقه إرادة.
(ويمكن الجمع) بين كلاميه بنحو يرتفع التهافت من البين بتقريب ان يقال: ان ما هو حقيقة الحكم وروحه عبارة عن إرادة المولى صدور الفعل عن العبد، فإنه الذي يتعلق به شوق المولى أولا، غاية الامر انه لما كان الفعل من الأفعال الإرادية للعبد وكان تحققه منوطا بتحرك عضلاته نحوه، تولد في نفس المولى من إرادة الفعل إرادة تحرك عضلات العبد، وحيث إن تحرك عضلاته متوقف على وجود الداعي في نفسه حتى ينبعث منه (لو كان بحسب ملكاته ممن ينبعث من الدواعي الإلهية) فلا محالة يتولد في نفس المولى إرادة بعثه وانشاء الحكم بالنسبة إليه حتى يعلم به فينبعث منه نحو المقصود، فما هو المراد أولا وبالذات ويكون متعلقا للشوق هو نفس صدور الفعل عن العبد، واما البعث وانبعاثه منه فمرادان بالتبع من جهة انه يتسبب بهما إلى ما هو المقصود بالذات.
ولا يخفى ان إرادة الفعل وان كانت مطلقة ولكن إرادة انبعاث العبد من الخطاب والبعث مقصورة على صورة علم العبد بالخطاب من جهة انه لا يعقل داعوية البعث ما لم يتعلق به العلم، حيث إنه بوجوده العلمي يصير داعيا ومحركا، وعلي هذا تصير إرادة الفعل الثابتة بنحو