نهاية الأصول - تقرير بحث البروجردي ، للشيخ المنتظري - الصفحة ١٣٠
ولا يكفى فيها نظر مدلول الحاكم إلى مدلول المحكوم.
(وفيه) ان هذه مناقشة لفظية، فان مثل قوله: (كل شئ نظيف) ناظر إلى الأحكام الواقعية ويكون موسعا لدائرة متعلقاتها سواء أطلق على هذا المعنى لفظ الحكومة أم لا.
(الثاني) ان مثل قوله (كل شئ نظيف) متكفل لاثبات النظافة الظاهرية، واما كون الشرط للصلاة مثلا هو الأعم من النظافة الواقعية والظاهرية حتى يكون اتيانها مع النظافة الظاهرية أيضا موجبا للاجزاء فلا دليل عليه.
(وفيه) ما عرفت: من أن نفس دليل الحكم الظاهري الذي يجوز للمكلف اتيان الصلاة مثلا مع الطهارة الظاهرية، ظاهر أيضا في أن عمله بعد تحققه يصير منطبقا لعنوان المأمور به أعني الصلاة، وانه قد أدى وظيفته الصلاتية بعد اتيانها فيما حكم الشارع بطهارته، ولازم ذلك كون الشرط أعم من الواقع والظاهر.
(الثالث) ان الحكومة في المقام ان كانت واقعية لزم ترتيب جميع آثار الواقع على الطهارة الظاهرية، فلا بد أن لا يحكم بنجاسة الملاقي أيضا ولو انكشف الخلاف بعد ذلك (1)

(١) أقول: لا يخفى ان المهم في اثبات الاجزاء في الأحكام الظاهرية هو الجواب عن النقوض الواردة عليه، (فمنها) هذا المثال، (ومنها) ان مقتضى ذلك حصول الطهارة الثوب النجس إذا غسل بالماء المشكوك الطهارة، (ومنها) انتقال الثمن حقيقة إلى البايع إذا اخذه في مقابل المشكوك فيه الذي حكم بطهارته ظاهرا وكان مما يفسد بيعه نجسا إلى غير ذلك من النقوض، والظاهر أن جواب سيدنا الأستاذ العلامة (مد ظله العالي) لا يكفى لرفع الاشكالات، فان الملاقاة في المثال الأول مثلا قد وقعت في حال كون الملاقي (بالفتح) محكوما بالطهارة، وبعد انكشاف الخلاف، وان تبدل الموضوع، ولكن المفروض عدم حدوث ملاقاة أخرى بعد تبدله، فالحكم بنجاسة الملاقي لا يصح الا بناء على كون الحكومة ظاهرية.
(نعم) يمكن ان يجاب عن النقض الأول بوجه آخر وهو ان يقال: ان الأثر الشرعي عبارة عما يثبت للشئ بجعل الشارع، وفي باب الملاقاة ليس لنا مجعولان شرعيان: أحدهما كون ملاقي النجس نجسا، وثانيهما كون ملاقي الطاهر طاهرا، بل المجعول، الشرعي هو الأول فقط، بداهة ان طهارة الملاقي (بالكسر) ليست حاصلة بسبب طهارة الملاقي (بالفتح) بل كانت حاصلة قبل الملاقاة أيضا.
(وبالجملة) ليس طهارة الملاقي (بالكسر) من الآثار الشرعية لطهارة الملاقي حتى يقال: ان مقتضى كون الحكومة واقعية هو بقاء هذا الأثر بعد انكشاف الخلاف أيضا.
(اللهم الا ان يقال) ان الطهارة ليست الا عبارة عن عدم النجاسة والقذارة كما يساعد عليه العرف أيضا، وحينئذ فيكون المراد من كون طهارة الملاقي (بالكسر) بسبب طهارة الملاقي كون عدم نجاسته مستندا إلى عدم نجاسته استناد عدم المعلول إلى عدم علته، فتأمل فان ذلك أيضا لا يفيد ثبوت المجعولين.
(ثم إنه يمكن ان يجاب) بما ذكر عن الاشكال الذي أورده بعض الأعاظم في مسألة ملاقي أحد طرفي العلم الاجمالي فان المعروف عندهم كون الملاقي طاهرا وحلالا لتعارض الأصلين في الطرفين فيبقى الأصل في الملاقي سالما عن المعارض.
(واستشكل هذا البعض على ذلك) بان استصحابي الطهارة في الطرفين يتعارضان ويتساقطان، فتصل النوبة في الرتبة اللاحقة إلى قاعدة الطهارة في الطرفين واستصحابها في الملاقي، ثم تتعارض الأصول الثلثة وتتساقط، وتصل النوبة بعدها إلى استصحاب الحلية في الطرفين وقاعدة الطهارة في الملاقي في عرض واحد، فتتعارض أيضا وتصل النوبة إلى قاعدة الحلية في الطرفين واستصحابها في الملاقي فتتساقط أيضا، فيبقى الطرفان بلا أصل ويبقى قاعدة الحلية في الملاقي بلا معارض، ومقتضى ذلك حلية الملاقي دون طهارته.
(والجواب) عن هذا الاشكال يظهر مما ذكرنا، فانا لا نسلم كون طهارة الملاقي أو حليته متأخرة بحسب الرتبة عن طهارة الملاقي (بالفتح) أو حليته حتى يكون جريان استصحاب الطهارة أو الحلية أو قاعدتهما في الملاقي متأخرا عن جريانها في الملاقي (بالفتح)، وذلك لبداهة ان حلية الملاقي (بالكسر) أو طهارته ليست اثرا شرعيا لحلية الملاقي (بالفتح) أو طهارته، وفي الأصل السببي والمسببي يعتبر ترتب الأثرين لا الشكين فقط، فان تقدم الأصل السببي على المسببي انما يكون من جهة ان جريانه في السبب يوجب تحقق ما هو الموضوع للأثر في طرف المسبب. فيعتبر في ذلك كون المستصحب مثلا في طرف المسبب من الأحكام الشرعية للمستصحب في طرف السبب كما إذا غسل يده النجس بالماء المستصحب الطهارة، فان هذا الاستصحاب يرفع الشك عن ناحية السبب قهرا. ح ع
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 2
2 ما هو موضوع كل علم 4
3 ما هو الموضوع في علم الأصول 11
4 في الوضع 13
5 في اقسام الوضع 14
6 في المعاني الحرفية 15
7 في أنحاء الاستعمالات 20
8 في أنحاء الاستعمالات وبيان ما هو الموضوع له للمبهمات 22
9 في الفرق بين الاخبار والانشاء وبيان الاشكال في خصوص العقود 23
10 في الحقيقة والمجاز 24
11 في ذكر اللفظ وإرادة نوعه أو مثله أو شخصه 27
12 في أن الدلالة لا تتوقف على الإرادة 30
13 في أنه ليس للمركب بما هو مركب وضع على حدة 32
14 في علائم الحقيقة والمجاز 33
15 في الحقيقة الشرعية 37
16 في الصحيح والأعم 38
17 في جريان البراءة في الأقل والأكثر 41
18 فيما استدل به للصحيحي 44
19 فيما استدل به للأعمي 46
20 في بيان ثمرة المسألة 48
21 في بيان كيفية اعتبار الاجزاء والشرائط 49
22 في استعمال المشترك في الأكثر من معنى واحد 51
23 في المشتق 56
24 في ذكر الأقوال في المشتق وبيان المختار فيها 64
25 في أنحاء استعمال المشتق 65
26 في بساطة مفاهيم المشتقات 67
27 في الفرق بين المشتقات والمبادي 69
28 في بيان ملاك الحمل 73
29 في الأوامر 74
30 في بيان الفرق بين الامر والالتماس والدعاء 75
31 في الطلب والإرادة 76
32 في بيان ما به يمتاز الوجوب من الاستحباب 87
33 في أن مجرد الطلب منشأ لانتزاع الوجوب 91
34 نقل كلام من صاحب المعالم وما أورد عليه 93
35 في الفرق بين الامر بالصيغة والامر بالمادة 95
36 نكتة لطيفة في الأوامر النبوية والمولوية 97
37 في التعبدي والتوصلي 98
38 في المرة والتكرار 111
39 في الاجزاء 112
40 ثبوت الاجزاء في التكاليف الاضطرارية 114
41 إشارة إلى مسئلة الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري 120
42 ثبوت الاجزاء في التكاليف الظاهرية 124
43 في مقدمة الواجب 141
44 في تقسيمات المقدمة 142
45 في تقسيم الواجب إلى المطلق والمشروط 154
46 في الواجب المعلق 163
47 في تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري 166
48 في أن المثوبة ليست بالاستحقاق بل بالتفضل 171
49 ما هو المصحح لعبادية المقدمات 173
50 في أن الواجب مطلق المقدمة أو ما قصد بها التوصل أو خصوص الموصلة 176
51 في تأسيس الأصل في المسألة 180
52 في ذكر أمور ينبغي أن ينبه عليها 182
53 في ذكر أقوال المسألة وأدلتها 183
54 في ذكر ما استدل به على وجوب المقدمة 184
55 حكم مقدمة المستحب والحرام 188
56 هل الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده 189
57 في أنه لا يتحقق المقدمية بين وجود أحد الضدين وعدم الاخر 193
58 في بيان ثمرة المسألة 195
59 حكم الامر بأحد الضدين بنحو التوسعة وبالاخر بنحو التضييق 196
60 في امكان الامر بالضدين بنحو الترتب 201
61 أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه 209
62 في الواجب الكفائي 210
63 في الموسع والمضيق 213
64 القضاء بالامر الأول أم بأمر جديد 214
65 في أن الأوامر تتعلق بالطبايع أم بالافراد 217
66 في النواهي وأن مفاد النهى هو الزجر عن متعلقه 220
67 في جواز اجتماع الامر والنهي 224
68 في تنبيهات مسألة الاجتماع 233
69 حكم الصلاة في دار المغصوبة 235
70 في تنبيهات مسألة الاجتماع 236
71 في العبادات المكروهة 240
72 حكم الاضطرار إلى الحرام 243
73 حكم الخروج من الدار المغصوبة 245
74 هل النهى عن الشئ يقتضي فساده أولا 252
75 في المنطوق والمفهوم 261
76 حكم ما إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء 274
77 إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء فهل يتداخل الأسباب أولا؟ 275
78 في المنطوق والمفهوم 279
79 في مفهوم الغاية والاستثناء 282
80 في تعريف العموم وذكر أقسامه 283
81 هل العام المخصص حجة في ما بقي أولا. 286
82 عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية 292
83 حكم ما إذا كان المخصص لبيا 298
84 عدم جريان الاستصحاب في الاعدام الأزلية 300
85 هل التخصيص يوجب تعنون العام أولا. 303
86 حكم التمسك بعمومات العناوين الثانوية 304
87 في دوران الأمر بين التخصيص والتخصص 307
88 حكم ما إذا كان المخصص مجملا 309
89 عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص 311
90 هل الخطابات الشفاهية تشمل المعدومين أولا؟ 313
91 حكم ما إذا تعقب العام ضمير يرجع إليه باعتبار البعض 320
92 جواز تخصيص الكتاب بالمفهوم المخالف 323
93 حكم ما إذا تعقب الاستثناء جملا متعددة 325
94 جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد 327
95 في تعريف المطلق والمقيد 330
96 في اعتبارات الماهية 331
97 ما هو ملاك الاطلاق والتقييد 335
98 في أن التقييد لا يوجب المجازية 339
99 في بيان مقدمات الحكمة 340
100 في المطلق والمقيد 345