بأنه نظيف حتى يعلم انه قذر، أو حكم برفع جزئية السورة مثلا عمن نسيها أو شك في جزئيتها، أو حكم بوجوب العمل بخبر الثقة مثلا فأخبر بطهارة شئ أو عدم جزئية شئ للصلاة أو غيرها من الواجبات المركبة، فهل يكون مفاد هذه الأحكام الظاهرية وجوب العمل على وفق هذه الأمور من دون تصرف في الواقع المأمور به أو يكون المستفاد من ظواهر هذه الأدلة كون الصلاة أو الحج أو نحوهما بالنسبة إلى هذا المكلف عبارة عن نفس ما يقتضيه وظيفته الظاهرية؟
لا ريب في أن المستفاد منها هو الثاني، فقوله مثلا: (كل شئ نظيف حتى تعلم انه قذر) ظاهر في أنه يجوز للمكلف ترتيب جميع آثار الطهارة على الشئ المشكوك فيه، ومن جملتها شرطيتها للصلاة، فيكون مفاده جواز اتيان الصلاة في الثوب المشكوك في طهارته.
(وبعبارة أخرى) ليس هذا الكلام اخبارا بالواقع المشكوك فيه، والا لزم الكذب في بعض مصاديقه، فيكون المراد منه وجوب ترتيب آثار الطاهر الواقعي على الشئ المشكوك فيه، ولأجل ذلك ترى أنه يتوقف صحة هذا الكلام على كون الطهارة ذات آثار بحسب الواقع، ومن جملة آثارها توقف الصلاة عليها، وحينئذ فهل يكون المتبادر من هذا الكلام ان المكلف بعد اتيانه الصلاة في الثوب المشكوك فيه قد أدى وظيفته الصلاتية و امتثل قوله تعالى (أقيموا الصلاة)، أو انه عمل عملا يمكن أن يكون صلاة وأن يكون لغوا ويكون الصلاة باقية في ذمته؟ لا اشكال في أن المتبادر هو ان الصلاة في حق هذا الشخص عبارة عما أتى به وانه قد عمل وظيفته الصلاتية وأوجد الفرد المأمور به، فقوله عليه السلام (لا أبالي أبول أصابني أم ماء) لا يتبادر منه انى لا أبالي وقع الصلاة منى أم لا، بل المتبادر منه كون المشكوك فيه طاهرا بالنسبة إلى الشاك، وان العمل المشروط بالطهارة إذا فعله مع هذه الطهارة الظاهرية يكون منطبقا للعنوان المأمور به، وان المصلى فيه يكون من المصلين لا انه يمكن أن لا يكون مصليا غاية الامر كونه معذورا في المخالفة.
(ومن الأحكام الظاهرية) أيضا مفاد قاعدة التجاوز والفراغ، فحكم الشارع لمن شك في اتيان جزء من الصلاة بوجوب المضي وعدم الاعتناء، ظاهر في أن المكلف الذي كان يصدد امتثال امره (تعالى) بالصلاة التي امر بها جميع المسلمين وشك في