قسم من ضروريات الدين، وقسم من ضروريات المذهب، وقسم ليس هذا ولا ذاك. وحكم القسمين الأولين واضح.
وأما القسم الثالث: فلا بد فيه من العمل بالأحاديث المنقولة في الكتب الأربعة، أو في كتاب العلل أو قرب الإسناد أو شبه ذلك، ما لم يكن هناك حديثان متناقضان، وإذا كان حديثان متناقضان فلقدمائنا فيه ثلاثة مسالك، كلها مسموعة من أصحاب العصمة (عليهم السلام):
أحدها: ما اختاره الإمام ثقة الإسلام (قدس سره) في كتاب الكافي وهو التخيير في العمل بأيهما شاء.
وثانيها: طرح ما هو أقرب من فتاوي العامة والعمل بما هو أبعد.
وثالثها: العمل بما هو أقوى صحة، ومع التساوي وجوب الاحتياط إلى ان يظهر الحق.
وقد اخترت للجمع بين أحاديث هذا الباب مسلكا رابعا، مركبا من المسالك الثلاثة، وهو: أنه مع علمنا بما هو الأقرب وما هو الأبعد من فتاوي العامة يعمل بالأبعد، ومع عدم علمنا نعمل بما هو أقوى صحة. ومع التساوي، فإن كانت المسألة متعلقة بما فيه خصومة الناس - كدين أو ميراث أو نكاح أو طلاق أو وقف - نعمل بالاحتياط إلى أن يظهر الحق. وإن لم يكن كذلك - كما في العبادات المحضة - فنحن مخيرون في العمل بأيهما شئنا إلى ان يظهر الحق. وإذا خلت الواقعة عن حكم منقول في تلك الكتب عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) فلا يجوز العمل بالأصل ولا باستصحاب ولا بغير ذلك، بل يجب التوقف. هذا هو المستفاد من كلام أصحاب العصمة - صلوات الله وسلامه عليهم.
قوله أيده الله تعالى: هل يكفي الإنسان في عقيدته واعتقاده العلم الإجمالي؟
أقول: يستفاد من كلامهم - صلوات الله عليهم - أن المعرفة التي يتوقف عليها حجية الأدلة السمعية، وهي: معرفة أن لنا صانعا عالما، ومعرفة أن محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) رسول الله إلينا لتعليم أحكامه تعالى وغير ذلك أمر يحدث في قلب من أراد الله تعالى تعلق التكاليف به بطريق الاضطرار بسبب المعجزة بحيث لا يمكنه أن