ثم اعلم أن هذا الزمان الغير المتناهي الأزلي الذي هو ظرف لعدم أول الممكنات وهمي صرف، إذ ليس منشأ يصح انتزاعه منه فلا تمايز بين أجزائه. هكذا ينبغي أن يتحقق هذه المباحث وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء *.
فائدة لنا أن نبرهن على الاحتمال الثالث المستفاد من كلام أصحاب العصمة
____________________
* إذا كان قول أصحاب العصمة: إن القديم مالا أول لوجوده والحادث ماله أول، والقادر المختار الذي لا يلزمه إيجاد الفعل عند حصول الإرادة والداعي كما ذكره في تفسير القدرة علم من ذلك: أن الحادث لابد من سبقه عدم بأي معنى فرض. وأما ما ذكره المصنف من التوجيه الذي تفرد بتحقيقه عن الفلاسفة والمتكلمين من القطعة الممتدة المنتزعة وأ نها هي الجزء الأخير من العلة التامة من المعلول الأول ولا ترتب ولا تعاقب في نفس الأمر بين أجزاء ذلك الأمر الممتد الانتزاعي - إلى آخر ما ذكره في توجيهه - لم يظهر له وجه تميز عن غيره ولا معنى واضح، ولكن الفارس وإن كان جاهلا بالفروسية وخاملا فيها إذا انفرد وحده يسوق فرسه حيث شاء ويدعي ما يشتهي، ولو كان مع حضور الفرسان ضاقت به الحيلة وعرف قصور ذرعه عند هذه المطالب الجليلة. ومن يسلم له هذه التمحلات التي تمدح بانفراده بتحقيقها وأطال في تغليط أربابها الحقيقيين بعلمها دونه حتى يحق له أن يجعلها لنفسه فضيلة ويتمدح بها؟ وإذا كان في الأمور الظاهرة البينة غلطه فيها أكثر من إصابته فكيف في الأمور الخفية الدقيقة؟ وإذا أجاد المتأمل تأمل كلامه فيها يجده كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.