الاختلافات الواقعة بين الفلاسفة في علومهم والواقعة بين علماء الإسلام في العلوم الشرعية السبب فيها إما أن أحد الخصمين ادعى بداهة مقدمة هي مادة المواد في بابها وبنى عليها فكره، والخصم الآخر ادعى بداهة نقيضها واستدل على صحة نقيضها وبنى عليه فكره أو منع صحتها. وإما أن أحد الخصمين فهم من كلام خصمه غير مراده ولم يخطر بباله مراده فاعترض عليه، فلو خطر بباله احتمال مراده لرجع عن ذلك.
وبالجملة سبب الاختلاف: إما إجراء الظن مجرى القطع، أو الذهول والغفلة عن بعض الاحتمالات، أو التردد والحيرة في بعض المقدمات. ولا عاصم عن الكل إلا التمسك بأصحاب العصمة (عليهم السلام) والمنطق بمعزل عن أن ينتفع به في هذه المواضع وإنما الانتفاع به في صورة الأفكار فقط.
* * *
____________________
عجبا للمرء يبدو جهله * واضحا للناس ما فيه خفا ليس يدري بالذي فيه * وإن وضح العيب تعامى ونفى لا أرى أغفل منه في الورى * أحدا إذ نفسه ما عرفا