والدليل الثالث: أن كل طريق غير التمسك بكلامهم (عليهم السلام) يفضي إلى اختلاف الفتاوى والكذب على الله تعالى، وكل ما هو كذلك مردود غير مقبول عند الله، لما تقدم من الروايات المتواترة معنى.
والدليل الرابع: أن كل مسلك غير ذلك المسلك إنما يعتبر من حيث إفادته الظن بحكم الله تعالى، وقد أثبتنا سابقا أنه لا اعتماد على الظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى أو بنفيها.
والدليل الخامس: أنه تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بأن مراده تعالى من قوله: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ (1) ومن نظائرها من الآيات الشريفة أنه يجب سؤالهم (عليهم السلام) في كل ما لم يعلم.
والدليل السادس: أن العقل والنقل قاضيان بأن المصلحة في بعث الرسل وإنزال الكتب رفع الاختلاف والخصومات بين العباد ليتم نظام معاشهم ومعادهم، فإذا كان من القواعد الشرعية جواز العمل بالظن المتعلق بنفس أحكامه أو بنفيها لفاتت المصلحة، لحصول الاختلاف والخصومات كما هو المشاهد *.
____________________
* إن الحكمة في إرسال الرسل إنما هي لبيان التكليف والحق للناس، لئلا يكون للناس على الله حجة، وأما أنه يجب مع ذلك أن لا يحصل بعده اختلاف فمنعه ظاهر، وليست الرسل ولا الأئمة (عليهم السلام) متكفلة بذلك، وإنما عليهم البلاغ، ووجدان الاختلاف في جميع الأمم شاهد بذلك. ولو كان إرسال الرسل لأجل حصول هذه الغاية ويعلم الله أنها لا تحصل انتفت فائدة الإرسال. والعمل بالظن الذي قد ثبت الإذن فيه من الشارع بالدليل العقلي والنقلي لا ينافي هذه المصلحة في المسائل الفرعية، لأ نها لا دخل لها في نظام المعاش، بل ربما كانت سببا لصلاحهم ودفع حيرتهم وتوقفهم عند الأمور، المضطرين إلى معرفة تكليفهم فيها، وقد أخبر الرسول باختلاف أمته كما اختلفت الأمم قبلها، فلو كان وجه الاختلاف الغير الجائز منشؤه العمل بالظن