مطلوبه، لأنه فرضها في كتابي الأخبار فيما إذا كانت المسافة متساوية، واشتبه الحال، لا فيما إذا علم الاقتران. انتهى.
أقول الظاهر أن ما أورده على الشيخ غير وارد بعد التأمل في الخبرين المذكورين، وذلك أنه في الخبر الأول فرض أن العبدين حين خرج كل واحد منهما إلى مولى الآخر كانا متساويين في القوة والعدو، وأن مشيهما وعدوهما واحد، فلذا أمر (عليه السلام) بذرع الطريقين، فإن ظهر قرب أحدهما علم السبق للقريب، وإن تساوى الطريقان حكم بالبطلان، وما ذاك إلا من حيث حصول الاقتران بين العقدين، لأن المفروض تساويهما في الطريق، وتساويهما في العدو، فيلزم الاقتران وإليه يشير قوله في الزيادة التي في الكافي " جاءا سواء، وافترقا سواء " ومن هذه الرواية حكم الأصحاب بالبطلان مع الاقتران، لاستحالة الترجيح بغير مرجح.
والظاهر من ذكر الكليني المرسلة المذكورة بعد هذه الرواية أنها من تتمة الرواية الأولى، ومترتبة على ما ذكر فيها من السؤال والجواب، وإنما حصل الاختلاف في صورة تساوي الطريقين، فالرواية المسندة دلت على البطلان، والمرسلة دلت على القرعة، وبه يحصل التعارض بين هاتين التتمتين، واحتمال كون هذه المرسلة رواية مستقلة لا معنى له، لعدم تقدم ذكر مسافة تشار إليها باللام العهدية، وبما ذكرنا يظهر ما في اعتراضهم على الشيخ ودعواهم أن المستفاد من المرسلة إنما هو الاشتباه.
نعم يحصل الاشكال في المرسلة المذكورة بما ذكره ابن إدريس من حيث أن القرعة إنما تكون مع صحة أحد العقدين ومجهوليته، فيستخرج ذلك الصحيح منهما بالقرعة، وأما مع علم الاقتران كما هو المفروض والمفهوم من سياق الكلام فالظاهر بطلانهما كما صرحت به الرواية الأولى، وبذلك يظهر بقاء المسألة في قالب الاشكال، وللأصحاب (رضوان الله عليهم) هنا شقوق وتفريعات وأحكام زائدة على ما يفهم من أخبار المسألة وخارجة عنها ليس للتعرض لها كثير فائدة بعد ما عرفت والله العالم.