(عليه السلام) " في رجل شهد بعيرا مريضا يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم فأشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد، فقضى أن البعير برئ فبلغ ثمانية دنانير قال:
فقال: لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ، فإن قال: أريد الرأس والجلد، فليس له ذلك، هذا الضرار، وقد أعطى حقه إذا أعطى الخمس ".
وأنت خبير بأن ظاهر الخبر أن شراء البعير حال المرض واشتراك الرجل الآخر بالرأس والجلد إنما وقع من حيث إرادة الذبح، ولكن لما اتفق أنه برئ ولم يذبح وبلغ قيمة زائدة حكم (عليه السلام) لدفع الضرر من الطرفين وصلحا بينهما بالتشريك في البعير، بنسبة ما دفع من قيمة الرأس والجلد، ولو طلبهما أتى الضرار المنهي عنه متى أعطى بنسبة ما دفعه من جميع البعير، وعلى هذا يمكن حمل حديث السكوني المتقدم، وبه يندفع ما تعلق به القائل بالابطال من لزوم الضرر متى أراد المشتري التبقية، وأراد صاحب الرأس والجلد الذبح لأجل أخذ ماله، فإن في ترجيح إرادة أحدهما ضرر على الآخر إلا أنه يبقى الاشكال في خبر العيون حيث تضمن نحر البعير ولعل لفظ (لا) سقط من البين فإنه مع عدم سقوطها لا يناسب سياق الخبر أيضا من قوله ثم بدا له، إذا الظاهر أن أصل الشراء واشتراط الجلد والرأس إنما وقع من حيث إرادة النحر، وعلى هذا لا معنى لقوله " ثم بدا له أن ينحره " وإنما المناسب ثم بدا له أن لا ينحره وبما ذكرنا يظهر قوة مذهب الشيخ في المسألة المتقدمة.
وأما ما ذكره بعض محققي متأخري المتأخرين من احتمال طرح الروايتين أعني روايتي السكوني والغنوي لضعفهما ومخالفتهما القواعد، ففيه ما عرفت في غير موضع مما تقدم أن الطعن بالضعف غير معتمد عندنا، ولا وارد على المتقدمين الذين لا أثر لهذا الاصطلاح عندهم، وأن الأظهر هو الوقوف على ما دلت عليه الأخبار في كل حكم سيما مع عدم المخالف من الأخبار، وتخصيص تلك القواعد إن ثبت بالنص، وإلا فإنه لا يلتفت إليها في مقابلة الأخبار وإن ضعفت باصطلاحهم.