الرجوع بالمثل لبطلان العقد بالتلف وقضية كون المبيع ينتقل بالعقد إلى المشتري ويكون ملكا له هو عدم الرجوع على البايع بوجه، إلا أنه حيث كان ظاهرهم الاجماع على كل من القاعدتين جمعوا بينهما بما ذكر، كما يشير إليه قوله " واقتصارا بالانفساخ على موضع الوفاق ".
الثاني ما ذكر " من أنه لو كان بعد القبض وهو التخلية " إلى آخره فإنه لا ريب أن مقتضى قاعدة البيع أنه بعد القبض لا يرجع على البايع بشئ، وهو المشهور في كلامهم بأي نوع كان من أنواع التلف المذكورة، إلا أنه قد نقل في المسالك عن بعض الأصحاب أنه ذهب هنا إلى أن الثمرة على الشجرة مضمونة على البايع وإن أقبضها بالتخلية، نظرا إلى أن بيعها بعد بدو صلاحها بغير كيل ولا وزن على خلاف الأصل، لأن شأنها بعده النقل، والاعتبار بالوزن أو الكيل بالقوة القريبة من الفعل، وإنما أجيز بيعها كذلك للضرورة، ويراعى فيها السلامة وعلى هذا فيحتمل أن يكون قوله " على الأشبه " متعلقا بقوله " لم يرجع " ويكون إشارة إلى هذا القول، ويحتمل أن يكون متعلقا بقوله " وهو التخلية " حيث أنه كما تقدم قد وقع الخلاف في القبض، هل هو عبارة عن التخلية مطلقا، أو من الكيل أو الوزن في المكيل والموزون؟ وهذه الثمرة بعد بدو صلاحها قد صارت صالحة للاعتبار بهما، وحينئذ فيكون فيه تنبيه على اختياره القول بالتخلية مطلقا، كما هو أحد القولين المذكورين.
الثالث ما ذكره بقوله " ولو أتلفه المشتري في يد البايع " إلى آخره، لا يخفى أن اتلاف المشتري في الصورة المذكورة إن كان بإذن البايع فهو قبض، يترتب عليه أحكام القبض مطلقا، وإن كان بغير إذنه وهو الظاهر من العبارة، فهو قبض من حيث انتقال الضمان إلى المشتري بالاتلاف وإن لم يكن باقي أحكام القبض مترتبة عليه، لأن الغرض هنا بيان عدم الرجوع على البايع، وحيث انتقل الضمان إليه فلا رجوع.