(سورة البقرة وهي مأتان وست وثمانون آية) بسم الله الرحمن الرحيم ألم - 1. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - 2. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - 3. والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - 4. أولئك هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون - 5.
(بيان) لما كانت السورة نازلة نجوما لم يجمعها غرض واحد إلا ان معظمها تنبئ عن غاية واحدة محصلة وهو بيان ان من حق عبادة الله سبحانه أن يؤمن عبده بكل ما أنزله بلسان رسله من غير تفرقة بين وحي ووحي ولا بين رسول ورسول ولا غير ذلك، ثم تقريع الكافرين والمنافقين وملامة أهل الكتاب بما ابتدعوه من التفرقة في دين الله والتفريق بين رسله، ثم التخلص إلى بيان عدة من الاحكام كتحويل القبلة واحكام الحج والارث والصوم وغير ذلك.
قوله تعالى: ألم، سيأتي بعض ما يتعلق من الكلام بالحروف المقطعة التي في أوائل السور، في أول سورة الشورى إن شاء الله، وكذلك الكلام في معنى هداية القرآن ومعنى كونه كتابا.
وقوله تعالى: هدى للمتقين الذين يؤمنون الخ، المتقون هم المؤمنون، وليست التقوى من الأوصاف الخاصة لطبقة من طبقاتهم أعني: لمرتبة من مراتب الايمان حتى تكون مقاما من مقاماته نظير الاحسان والاخبات والخلوص، بل هي صفة مجامعة لجميع مراتب الايمان إذا تلبس الايمان بلباس التحقق، والدليل على ذلك أنه تعالى لا يخص بتوصيفه طائفة خاصة من طوائف المؤمنين على اختلاف طبقاتهم ودرجاتهم والذي اخذه تعالى من الأوصاف المعرفة للتقوى في هذه الآيات التسع عشرة التي يبين فيها