وهذا هو الإنسان من هذا الفلك، ومن فلك آخر يتركب من أحد عشر ومن عشرة ومن تسعة وثمانية، حتى يصل إلى فلك الاثنين، ولا يتحلل إلى الأحدية أبدا، فإنها مما انفرد به الحق سبحانه.
ثم إنه تعالى جعل أولها الألف في الخط والهمزة في اللفظ، وآخرها النون، فالألف رمز لوجود الذات على كمالها، لأنها غير مفتقرة إلى حركة، والنون رمز لوجود الشطر من العالم، وهو عالم التركيب، وذلك نصف الدائرة الظاهرة لنا من الفلك، والنصف الآخر النون المعقولة عليها، التي لو ظهرت للحس وانتقلت إلى عالم الأرواح، لكانت دائرة محيطة، ولكن أخفيت هذه النون الروحانية التي بها كمال الوجود، وجعلت نقطة النون المحسوسة دالة عليها، فالألف كاملة من جميع وجوهها، والنون ناقصة، فالشمس كاملة، والقمر ناقص، لأنه محو، فصفة ضوئه معارة، وهي الأمانة التي حملها، وعلى قدر محوه وسره إثباته وظهورة ثلاثة لثلاثة، فثلاثة لغروب القمر القلبي الإلهي في الحضرة الأحدية، وثلاثة طلوع القمر القلبي الإلهي في الحضرة الربانية، وما بينهما في الخروج والرجوع قدما بقدم لا يختل أبدا.
ثم جعل سبحانه وتعالى هذه الحروف على مراتب: منها موصول، ومنها مقطوع، ومنها مفرد، ومنها مثنى ومجموع، ثم نبه أن في كل وصل قطعا، وليس في كل قطع وصل يدل على فصل، وليس كل فصل يدل على وصل، فالوصل والفصل في الجمع وغير الجمع، والفصل وحده في عين الفرق، فما أفرده من هذه فإشارة إلى فناء رسم العبد أزلا، وما أثبته فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا، وما جمعه فإشارة إلى الأبد... إلى أن قال مالا