وقد حكي عن بعض: أنه كان إذا سمع كلمة دالة على المعاني العالية يأخذه الغشي، وينسلخ عن بشريته، وربما كان يتكلم حين الغشي بالحقائق الإلهية، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأخذه حالة شبيهة بذلك حين نزول الوحي، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يظهر عليه الحقائق - حينئذ - في تلك المراتب بنحو التفصيل، وتنزل على بشريته أيضا بنحو التفصيل، وتسمى النازلة بكلام الله وبالحديث القدسي.
وقد يظهر الحقائق بنحو الإجمال والبساطة وتنزل على بشريته كذلك، فيعبر عنها بطريق الإجمال وبالحروف المقطعة، مثل فواتح السور.
وتأويل القرآن: عبارة عن إرجاع ألفاظه إلى حقائقها الثابتة في تلك المراتب.
وبطون القرآن: عبارة عن تلك الحقائق في تلك المراتب، ولكون المراتب باعتبار كلياتها سبعا، وباعتبار جزئياتها ترتقي إلى سبعمائة ألف، اختلف الأخبار والآثار في تحديد البطون. ولعدم إمكان التعبير عن تلك الحقائق للراقدين في مراقد الطبع إلا بالأمثال - كما أنها تظهر للنائمين بالأمثال - اختلفت الروايات في المراد من فواتح السور، فلا يمكن الإحاطة بها، بل لابد من الإرماز والإجمال والتشابه.
ثالثها (1): اعلم أن الحروف المفردة اللفظية أصل للكلمات المركبة منها، والمفهوم من المركبة أمور غير بسيطة بحسب الاستقراء في الغالب أو الكل، فالظاهر أن تكون تلك الحروف بإزاء أصول العالم