في آخر الزمان، لا يقرأه كما هو بالحقيقة إلا هو، والجفر لوح القضاء الذي هو عقل الكل، والجامعة لوح القدر الذي هو نفس الكل، فمعنى كتاب الجفر والجامعة الحاويين على كل ما كان ويكون، كقولك: سورة البقرة والنمل.
ثانيها (1): أن الإنسان الذي هو خلاصة جملة الموجودات، له مراتب كمراتب العالم، وكل مرتبة منه حقيقة أو رقيقة لما سواها، فكلما يجري على لسان بشريته رقيقة وتنزل وظهور لما يجري على لسان مرتبة مثاله، وما يجري على لسان مثاله رقيقة لما يجري على لسان قلبه... وهكذا، وكل تلك الرقائق رقائق لما ثبت في المشية، وفضل الإنسان بمقدار الاستشعار بتلك المراتب والاتصال بها، ومن لا يدرك من الإنسان سوى البشرية فقدره قدر البهيمة، وقد غفل أكثر الناس عن أكثر هذه المراتب، لا يدركون منه سوى ما في ظواهره، والمستشعر بتلك المراتب والمتحقق بها إذا تكلم هو أو غيره بكلمة، يستشعر بحقائق تلك الكلمة وصور حروفها في المراتب العالية أو يتحقق بها.
وما قيل: إن كل حرف من القرآن في الألواح العالية أعظم من جبل أحد، صحيح عند هذه المرتبة من الاستشعار أو التحقق.
وقد يتحقق الإنسان بالمراتب العالية أو يستشعر بها أولا، ثم ينزل من تلك المنازل والمراتب على بشريته الكلمات التي هي رقائق ما يظهر عليه من الحقائق في تلك المراتب.