التي هي بسائط بالقياس إلى أجزاء العالم، كما أن النفس الإنسانية أول ما يحصل فيها الحروف على حسب مراتبها، فتكون النفس الرحمانية أيضا محصلة لبسائط هي الأصول للعوالم المقيدة المركبة، ويكون كل حرف من الحروف الصادرة من الإنسان، بإزاء حقيقة من تلك الحقائق البسيطة، حتى تطابق الآية - التي هي الإنسان - ذا الآية، ويحصل الطباق بين مقام اللفظ والمعنى، حتى يصلح للمرآتية.
وإذا لاحظت بعقلك نسبة البسيط إلى المركب المفروض وجوده، فاحدس أنه لم يتحقق المركب في الأعيان إلا وقد سبقه فيها البسائط، التي هي أصول تلك المركبات، فيشبه أن يتقدم خلق البسائط على خلق المركبات، حسب اقتضاء النظام الأكمل حتى تكون بمنزلة الخزائن للحصص التي عرضها التركيب في عالم المركبات، ولعل إليها ينظر قوله تعالى: * (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) * (1).
والذي يناسب تلك البسائط والأصول في عالم الوضع والدلالات - ولا سيما إذا كانت الدلالة ذاتية، كما عن الصيمري وابن عباد - هي الحروف المفردة، فيشبه أن تكون تلك الحروف دالة على تلك الحقائق بالذات أو الوضع.
وأما الحقائق المستورة هي الأسماء الإلهية، التي ملأت أركان كل شئ بأشعتها وآثارها، وتدل تلك الحروف المفردة على تلك الحقائق بأن يكون كل واحد بإزاء كل واحد، وإلى مثله يشير ما مر من: " أن الله تعالى