فإنه تبيان كل شئ، وأنه بلسان عربي مبين... وهكذا، ولكن لا تنافي بينه وبين ذاك بالضرورة، ولا سيما إذا نطقت الآثار الصحيحة: بأنها من الأسرار الإلهية.
ومما يؤيد ذلك - وإن استدل به الخصم على مذهبه -: ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " عليكم بكتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل وليس بالهزل " (1) انتهى. فإنه يشهد على اشتماله على الأسرار الغير القابلة للكشف بحسب الظاهر، وقوله (عليه السلام): " عليكم بكتاب الله " لا ينافيه وجود بعض يسير منه غير قابل لفهم كل أحد، بل هو في مقام تعظيم الكتاب وحدود سعته الوجودية، ولعله إيماء إلى إرجاع الناس إلى أهله، وهم أهل البيت (عليهم السلام).
17 - وعن عبد العزيز بن يحيى: إن الله تعالى ذكرها لأن يتعلموها مفردة، ثم يتعلموها مركبة، كما هو المتداول في تعليم الصبيان (2).
18 - وعن آخر: أن التكلم بهذه الحروف معتاد، ويعرفها كل أحد، ولكن التكلم بأسمائها لا يمكن إلا للعالم بها، فإخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) بتلك الأسماء، مع أنه لا يعرف الكتابة، ولا يعلم شيئا من هذه الكلمات، يكون من المعجزة، فأول ما يسمع من الكتاب العزيز إعجاز، فضلا عما يأتي من الآيات الباهرات والسور الواضحات (3).