وقوله: " ألقاها إلى مريم " فمعناه أعلمها بها وأخبرها كما يقال ألقيت إليك كلمة حسنة بمعنى أخبرتك بها. وقال الجبائي: معنى ألقاها إلى مريم خلقه في رحمها.
وقوله: " وروح منه " اختلفوا فيه على ستة أقوال:
فقال، قوم: معناه ونفحة منه وسماء روحا، لأنه حدث عن نفحة جبرائيل في درع مريم بأمر الله له بذلك، ونسب إلى الله، لأنه كان بأمره. وإنما سمي النفخ روحا، لأنها ريح تخرج من الروح. واستشهدوا على ذلك قول ذي الرمة - واسمه غيلان - في صفة نار نفثها.
فلما بدت كفنتها وهي طفلة * بطلساء لم تكمل ذراعا ولا شبرا.
وقلت له: ارفعها إليك واحيها * بروحك واقتتها لها قيتة قدرا وظاهر لها من يابس الشخت، واستعن * عليها الصبا واجعل يديك لها سترا (2).
معنى احيها بروحك اي بنفخك. وقال بعضهم: معناه انه كان انسانا باحياء الله إياه بتكوينه بلا واسطة من جماع، ونطفة على مجرى العادة.
وقال قوم: قوله: " وروح منه " معناه ورحمة منه. كما قال في موضع:
" وأيدهم بروح منه " ومعناه ورحمة منه. قال: فجعل الله عيسى رحمة على من اتبعه، وآمن به وصدقه، لأنه هداهم إلى سبيل الرشاد.
وقال آخرون: معنى ذلك وروح من الله خلقها فصورها، ثم أرسلها إلى مريم، فدخلت في فيها فصيرها الله تعالى روح عيسى ذهب إليه أبو العالية عن أبي ابن كعب.