في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا " ولا يقرأ " إن خفتم " ومعنى هذه القراءة الا يفتنكم الذين كفروا وحذف (لا) كما حذف في قوله: " يبين الله لكم أن تضلوا " (1) ومعناه ألا تضلوا. وقال قوم: القصر لا يجوز إلا مع الخوف روي ذلك عن عائشة، وسعد بن أبي وقاص.
وقال قوم: عنى بهذه الآية قصر صلاة الخوف في غير حال المسابقة، وفيها نزلت.
ذهب إليه مجاهد وغيره. وقال آخرون: عنى بها قصر الصلاة صلاة الخوف في حال غير شدة الخوف. وعنى به قصر الصلاة من صلاة السفر لا من صلاة الإقامة، لان صلاة السفر عندهم ركعتان تمام غير قصر، كما قلناه - ذهب إليه السدي، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وجابر بن عبد الله، وكعب - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قطعت يده يوم اليمامة وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وثعلبة ابن زهدم اليربوعي وكان من الصحابة - وأبو هريرة. وروي عن ابن عباس في رواية أخرى إن القصر المراد به صلاة شدة الخوف تقصر من حدودها وتصليها إيماء وهو مذهبنا. وأما حد السفر الذي يجب فيه التقصير فعندنا انه ثمانية فراسخ.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه: مسيرة ثلاثة أيام. وقال الشافعي ستة عشر فرسخا ثمانية وأربعين ميلا. وقال قوم: يجب في قليل السفر وكثيره. بينا الخلاف فيه في كتاب الخلاف.
وإنما قال في الاخبار عن الكافرين انهم عدو، ولم يقل أعداء لان لفظة فعول وفعيل تقع على الواحد والجماعة، وفتنت الرجل أفتنه فهو مفتون لغة أهل الحجاز وتميم وربيعة. وأهل نجد كلهم وأسد يقولون: أفتنت الرجل فهو فاتن.
وقد فتن فتونا: إذا دخل في الفتنة.
قوله تعالى:
(وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك