بها الإشارة إليها. فان قيل: فلم لم تقبل التوبة في الآخرة؟ قيل: لرفع التكليف، وحصول الالجاء إلى فعل الحسن دون القبيح، والملجأ لا يستحق بفعله ثوابا ولا عقابا، لأنه يجري مجرى الاضطرار. وحكي الرماني عن قوم أنهم قالوا بتكليف أهل الآخرة، وان التوبة إنما لم يجب قبولها، لان صاحبها هناك في مثل حال المتعوذ بها، لا المخلص فيها، وهذا خطأ، لان الله تعالى يعلم أسرارهم كما يعلم إعلانهم. وقوله: (أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما) معناه أعددنا، وقال قوم:
التاء بدل من الدال، وقال آخرون هو أفعلنا من العتاد، ومعناه أعددنا، وعتاد الرجل: عدته، وهو الأصل. والشئ العتيد هو المعد، والعتيدة: طبلة معدة للطيب، ومعنى إعداد العذاب لهم، إنما هو بخلق النار التي هي مصيرهم. والأليم بمعنى المؤلم. وليس في الآية ما يمنع من جواز العفو عن مرتكبي الكبائر بلا توبة، لان قوله: (أولئك) يحتمل أن يكون راجعا إلى الكفار لأنه جرى ذكر الكفار وهم أقرب إلى أولئك من ذكر الفساق، ويحتمل أن يكون التقدير: اعتدنا لهم عذابا، إن لم نشأ العفو عنهم، وتكون الفائدة فيه إعلامهم ما يستحقونه من العذاب، وألا يأمنوا أن يفعل بهم ذلك، وإن كان تعالى يعلم هل يعفو أو لا يعفو.
قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) (19) - آية بلا خلاف -.
القراءة واللغة:
قرأ (بفاحشة مبينة) بفتح الياء، ابن كثير، وأبو بكر، عن عاصم.
الباقون بالكسر، وهو الأقوى، لأنه لا يقصد إلى إظهارها. وقرأ حمزة والكسائي