سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق) (181) - آية بلا خلاف -.
قرأ حمزة وحده (سيكتب) بضم الياء. الباقون بالنون. ذكر الحسن وقتادة: أن الذين نسبوا الله تعالى إلى الفقر وأنفسهم إلى الغناء هم قوم من اليهود لما نزل قوله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) (1) قالوا إنما يستقرض الفقير من الأغنياء، فهو فقير ونحن أغنياء، والقائل لذلك حي بن أخطب وفنحاص اليهودي.
وقال أبو علي الجبائي: هم قوم من اليهود، وإنما قالوا ذلك من جهة ضيق الرزق.
وقيل: انهم قالوا ذلك تمويها على ضعفائهم لا أنهم اعتقدوا أن الله فقير على الحقيقة. وقيل: انهم عنوا بذلك إله محمد الذي يدعي أنه رسوله دون من يعتقدون هم أنه على الحقيقة.
فان قيل: كيف الحكاية عنهم بأنهم قالوا ذلك، وإنما قالوه على جهة الالزام دون الاعتقاد؟ قلنا: لأنه إلزام باطل من حيث لا يوجبه الأصل الذي الزموا عليه، لأنه إنما قال تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) على وجه التلطف في الاستدعاء إلى الطاعة، وحقيقته أن منزلة ما ينفقون في وجوه البر كمنزلة القرض الذي يرجع إليكم ويضاعف به الاجر لكم مع أنهم أخرجوا ذلك مخرج الاخبار عن الاعتقاد.
وفي الآية دلالة على أن الرضا بقبيح الفعل يجري مجراه في عظم الجرم، لان اليهود الذين وصفوا بقتل الأنبياء لم يتولوا ذلك في الحقيقة، وإنما ذموا به، لأنهم بمنزلة من تولاه في عظم الاثم. وقوله: (سنكتب ما قالوا) قيل في معناه قولان:
أحدهما - انه يكتب في صحائف أعمالهم، لأنه أظهر في الحجة عليهم وأجرى ان يستحيوا من قراءة ما أثبت من فضائحهم - على قول الجبائي -.