لأنه كان يجب لو كان على التقديم، والتأخير أن تكون إنما الأخيرة مفتوحة الهمزة لأنها معمول تحسبن - على هذا القول - وأن تكون الأولى مكسورة، لأنها مبتدأة في اللفظ والتقديم والتأخير لا يغير الاعراب عن استحقاقه وذلك خلاف ما عليه جميع القراء، فإنهم أجمعوا على كسر الثانية. والأكثر على فتح الأولى. ويمكن أن يقال: - نصرة لأبي الحسن - أن يكون التقدير ولا تحسبن الذين كفروا قائلين:
إنما نملي لهم ليزدادوا إثما، بل فليعلموا أنما نملي لهم خير لأنفسهم. فيكون الحسبان قد علق، ولم يعمل. وتكون إنما الثانية كسرت، لأنها بعد القول. وتكون في موضع نصب بالقول المقدر وتكون أنما الأولى منصوبة بالعلم المقدر الذي بيناه.
وعلى هذا يجوز أن يكون الوعد عاما، ويكون الوعيد المذكور مشروطا بالمقام على الكفر. وعلى الوجه الأول الذي حملنا اللام على العاقبة لابد من تخصيصها بمن علم منه انه لا يؤمن، لأنه لو كان فيهم من يؤمن لما توجه إليهم هذا الوعيد المخصوص وقال البلخي: معناه لا تحسبن الذين كفروا ان املاءنا لهم رضاء بافعالهم، وقبول لها بل هو شر لهم، لأنا نملي لهم وهم يزدادون إثما يستحقون به عذابا أليما.
ومثله: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) (1) أي ذرأنا كثيرا من الخلق سيصيرون إلى جهنم بسوء فعالهم و (ما) في قوله: (إنما) تحتمل أمرين:
أحدهما - أن تكون بمعنى الذي والتقدير: إن الذي نمليه خير لأنفسهم.
والآخر - أن يكون ما نملي بمنزلة الاملاء فتكون مصدرا. وإذا كانت كذلك فلا تحتاج إلى عائد يعود إليها. والاملاء: طول المدة. (فنملي لهم)) معناه نطول أعمارهم. ومنه قوله: (واهجرني مليا) (2) أي حينا طويلا. ومنه قوله: عشت طويلا، وتمليت حينا. والملا: الدهر والملوان: الليل والنهار، لطول تعاقبهما. واملاء الكتاب وإنما أنكر تعالى أن يكون الاملاء خير لهم - وان