لايمانهم وإن لم يكون حرف نفي لكنه خرج مخرج الحجاج الذي يدل على نفي الايمان. وإنما معناه تعليق الثاني بالأول في أنه يجب بوجوبه، فإذا ظهر أن الثاني لم يجب دل على أن الأول لم يكن قد دخله معنى النفي من هذه الجهة.
فان قيل: إذا كان المؤمن بالله لا يطلق عليه اسم مؤمن إلا وهو مؤمن بالنبي وبما أنزل إليه فلم ذكرا؟.
قلنا للدلالة على التفصيل لان تلك الصفة وان كانت دالة فإنما تدل على طريق الجملة وقوله " ما اتخذوهم أولياء " يعني هؤلاء لو كانوا مؤمنين على الحقيقة لما اتخذوا المشركين أولياء و (ما) يجوز أن تكون جواب (لو) ولا يجوز أن تكون جواب (ان) لان حرف الجزاء يعمل فيما قبله و (ها) لها صدر الكلام فلا يعمل فيها. وليس كذلك (لم) فلذلك لم يجز ان آتيني ما ضرك ويجوز ان آتيني لم يضرك، لأنه يجوز أن تقول زيدا لم أضرب ولا يجوز أن تقول زيدا ما ضربت وقوله: " ولكن كثيرا منهم فاسقون " إنما وصفهم بالفسق وإن كان الكفر أعظم في باب الذم لامرين:
أحدهما إن معناه خارجون عن أمر الله فهذا المعنى لا يظهر بصفة كافر.
والآخر ان الفاسق في كفره هو المتمرد فيه والكلام يدل على أنهم فاسقون في كفرهم أي خارجون إلى التمرد فيه.
قوله تعالى:
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن