عليهم في إقامة الحجة.
الثاني - قال الحسن ومجاهد وقتادة وأبو مالك لعنوا على لسان داود، فصاروا قردة وعلى لسان عيسى، فصاروا خنازير. وإنما ذكر عيسى وداود، لأنهما انبه الأنبياء المبعوثين بعد موسى (ع) ولما ذكر داود أغنى عن ذكر سليمان، لان قولهما واحد. وقال أبو جعفر (ع) أما داود فلعن أهل أيلة لما اعتدوا في سبتهم وكان اعتداؤهم في زمانه، فقال: اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين، فمسخهم الله قردة. وأما عيسى فلعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك.
الثالث - قال أبو علي الجبائي: إنه إنما أظهر ذلك لئلا يوهموا الناس أن لهم منزلة بولادة الأنبياء تنجيهم من عقوبة المعاصي.
واللعن هو الابعاد من رحمة الله، فلعنه الله يعني أبعده الله من رحمته إلى عقوبته، ولا يجوز لعن من لا يستحق العقوبة من الأطفال والمجانين والبهائم، لأنه تعالى لا يبعد من رحمته من لا يستحق الابعاد عنها. وقوله:
" ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " إشارة إلى اللعن الذي تقدم ذكره بمعصيتهم واعتدائهم.
ف (ذا) لما قرب و (ذلك) لما بعد، لأنه اجتزئ في دلالة الخطاب لما قرب بالاقبال عليه. وفي القريب بالإشارة إليه فلما بعد لم يصلح الاجتزاء فيهما كما يصلح فيما قرب، فاتى بالكاف للخطاب واكد ذلك باللام وكسرت لالتقاء الساكنين والكاف في ذلك حرف وفي غلامك اسم، ولهذا لم يؤكد بما يؤكد في غلامك لأنك لا تقول ذلك نفسك. كما تقول في غلامك نفسك.
وإنما قال: " بما عصوا وكانوا يعتدون " وإن كان الكفر أعظم الاجرام