التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
يسد مسد المفعولين نحو حسبت أن زيدا منطلق وحسبت أن يقوم عمرو. فقوله:
(أنما نملي لهم خير لأنفسهم، سد مسد المفعولين اللذين يقتضيهما (يحسبن) وكسر (إن) مع القراءة بالياء ضعيف وقرئ به. ووجه ذلك قال أبو علي الفارسي (إن) يتلقى بها القسم كما يتلقى بلام الابتداء، ويدخل كل واحد منهما على الابتداء والخبر فكسر (إن) بعد (يحسبن) وعلق عنها الحسبان، كما يعلق باللام، فكأنه قال: لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خير لهم. ومن قرأ بالتاء فعلى البدل، كقوله: (هل ينظرون إلا الساعة ان تأتيهم بغتة) (1) وكما قال الشاعر:
فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما (2) وقال الفراء: يجوز أن يكون عمل فيه (يحسبن) مقدرة تدل عليها الأولى.
وتقديره: ولا تحسبن الذين كفروا يحسبون إنما نملي لهم وهكذا في قوله:
(هل ينظرون) ويجوز كسر (إنما) مع التاء في (يحسبن) وهو وجه الكلام، لتكون الجملة في موضع الخبر: نحو حسبت زيدا انه كريم. غير أنه لم يقرأ به أحد من السبعة. وقوله: (إنما نملي لهم ليزدادوا إثما) معنى اللام ههنا للعاقبة وليست بلام الغرض. كأنه قال: إن عاقبة أمرهم ازدياد الاثم كما قال: (فالتقطه آل فرعون

(1) سورة الزخرف: آية 66.
(2) قائله عبدة بن الطبيب أمالي السيد المرتضى 1: 114، والأغاني 12: 148 والحماسة شرح التبريزي 2: 285، 286 وغيرها وهو من أبيات قالها في قيس بن عاصم ومطلعها:
عليك سلام الله قيس بن عاصم * ورحمته ما شاء أن بترحما وقيس بن عاصم رجل حليم شريف في قومه، وكان الأحنف بن قيس يقول: إنما تعلمت الحلم من قيس بن عاصم. وقال ابن الاعرابي: قيل ليس بماذا؟ دت؟ فقال: بثلاث: بذل الندى وكف الأذى، ونصر المولى. قال التبريزي في شرحه لهذا الميت: يروى (هلك) بالنصب وبالرفع، فإذا نصبته كان (هلكه) في موضع البدل من (قيس) و (هلك) ينتصب على أنه خبر (كان) كأنه قال: فما كل هلك قيس هلك واحد من الناس بل مات لموته خق كثير. وإذ رفعته كان (هلكه) في موضع المبتدأ (وهلك واحد) في موضع الخبر. والجملة في موضع النصب على أنها خبر كان.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست