الرابع - قال أبو جعفر وأبو عبد الله (عليهما السلام) إن الله تعالى:
لما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وآله أن يستخلف عليا كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه، فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره بأدائه.
والآية فيها خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وإيجاب عليه تبليغ ما أنزل إليه من ربه وتهديد له إن لم يفعل وانه يجري مجري إن لم يفعل ولم يبلغ رسالته.
فان قيل كيف يجوز ذلك؟ ولا يجوز أن يقول: إن لم تبلغ رسالته فما بلغتها لان ذلك معلوم لا فائدة فيه!
قلنا: قال ابن عباس: معناه إن كتمت آية مما أنزل إليك فما بلغت رسالته والمعنى ان جريمته كجريمته لو لم يبلغ شيئا مما أنزل إليه في أنه يستحق به العقوبة من ربه.
وقوله " والله يعصمك من الناس " معناه يمنعك أن ينالوك بسوء من فعل أو شر أو قهر. وأصله عصام القربة، وهو وكاؤها الذي يشد به من سير أو خيط. قال الشاعر:
وقلت عليكم مالكا إن مالكا * سيعصمكم إن كان في الناس عاصم (1) أي سيمنعكم. وقوله تعالى " إن الله لا يهدي القوم الكافرين " قيل في معناه قولان:
قال الجبائي: إن الله يهدي إلى الثواب والجنة الكافرين.
وقال الرماني: معنى الهداية ههنا المعونة بالتوفيق والالطاف إلى الكفر بل إنما يهديهم إلى الايمان والثواب، لان من هداه إلى غرضه فقد أعانه