قدمه أي يأتيه الخير من كل جهة يلتمسه منها. واختار الطبري الوجه الأول.
وقد جعل الله التقي من أسباب الرزق فقال " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " (1) وقال " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " (2) وقال " استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا " (3) وقال " وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا " (4).
وقوله " منهم أمة مقتصدة " يعني من هؤلاء الكفار قوم معتدلون في العمل من غير غلو ولا تقصير. قال أبو علي: وهم الذين أسلموا منهم، وتابعوا النبي صلى الله عليه وآله، وهو المروي في تفسير أهل البيت.
وقال قوم: نزلت في النجاشي وأصحابه. وحكى الزجاج عن قوم أنهم قالوا: نزلت في قوم لم يناصبوا النبي صلى الله عليه وآله مناصبة هؤلاء. والأول أقوى، لان الله تعالى لا يجوز أن يسمي الناصب مقتصدا بحال. ويحتمل أن يكون أراد به من يقر منهم بأن المسيح عبد الله، ولا يدعي فيه الإلهية والبنوة.
وقال مجاهد: هم مسلموا أهل الكتاب. وبه قال ابن زيد، والسدي.
واشتقاق المقتصدين من القصد، لأنه القاصد إلى ما يعرف، فكان خلاف الطالب المتحير في طلبه. والاقتصاد الاستواء في العمل المؤدي إلى الغرض. وقوله " وكثير منهم ساء ما يعملون " أخبار منه تعالى أن أكثر هؤلاء اليهود والنصاري. يعملون الاعمال السيئة وهم الذين يقيمون على