بمنزلة علموا ليسجننه وعلى ذلك قول الشاعر:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى * (ولا سابقا شيئا إذا كان جائيا) فأوقع بعدها الشديدة كما يوقعها بعد علمت واما ما كان معناه ما لم يثبت ولم يستقر فنحو (أطمع) و (أخاف) و (أشفق) و (أرجو) فهذا ونحوه لا يستعمل بعده إلا الخفيفة الناصبة للفعل كقوله تعالى: " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي " (1) وقوله " تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم " (2) وقوله: " الا أن يخافا الا يقيما حدود الله. فان خفتم ان لا يقيما حدود الله " (3) وقوله: " فخشينا ان يرهقهما (4) وقوله " أأشفقتم أن تقدموا " (5) وكذلك أرجو، وعسى، ولعل فأما ما يستعمل في الامرين نحو حسبت وظننت وزعمت فهذا النحو يجعل مرة بمنزلة (أرجو) و (أطمع) من حيث كان أمرا غير مستقر ومرة يجعل بمنزلة العلم من حيث استعمل استعماله. ومن حيث كان خلافه. والشئ قد يجري مجرى الخلاف نحو (عطشان) و (ريان) فاما استعمالهم استعمال العلم، فلأنهم قد أجابوه بجواب القسم. حكى سيبويه ظننت ليسقيني. وقيل في قوله " وظنوا ما لهم من محيص " (6) ان النفي جواب الظن كما كان جوابا لعلمت في قوله " علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات " (7) وكلا الوجهين جاء به القرآن مثل قراءة من نصب قوله " أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا " (8)