يقطع بها الاعمال. وفي تخصيص المؤمن بذكر هذه النعمة وإن كانت نعمة على جميع المكلفين قيل فيه من حيث أنها على المؤمنين أعظم منها على الكافرين، لأنها نعمة عليهم من حيث هي نفع في نفسها. وفيما يؤدي إليه من الايمان بها، والعمل بما توجبه أحكامها، فالمؤمن يستحق اضافتها إليه من وجهتين، لما بيناه من حالها، ونظائر ذلك قد بيناه مثل قوله: (هدى للمتقين)) وغير ذلك وإنما أضافه إلى المتقين من حيث أنهم المنتفعون بها دون غيرهم. وقوله: (إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم) قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها من أنفسهم ليكون ذلك شرفا لهم، فيكون ذلك داعيا لهم إلى الايمان.
الثاني - من أنفسهم، لسهولة تعلم الحكمة عليهم، لأنه بلسانه.
الثالث - من أنفسهم، ليتيسر عليهم علم أحواله من الصدق والأمانة والعفة والطهارة. وقال الزجاج: من عليهم إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم من الأميين، لا يتلو كتابا ولا يخط بيمينه، فنشأ بين قوم يخبرونه ويعرفونه بالصدق والأمانة وأنه لم يقرأ كتابا ولا لقنه، فتلا عليهم أقاصيص الأمم السالفة، فكان ذلك من أدل دليل على صدقة فيما أتى به. وقوله: (يتلو عليهم آياته) معناه يقرأ عليهم ما أنزله عليه من آيات القرآن (ويزكيهم) يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها - يشهد لهم بأنهم أزكياء في الدين، فيصيروا بهذه المنزلة الرفيعة في الخلق.
الثاني - يدعوهم إلى ما يكونون به زاكين سالكين سبيل المهتدين.
الثالث - قال الفراء يأخذ منهم الزكاة التي يطهرهم بها. وقوله: (ويعلمهم الكتاب والحكمة) يعني القرآن، وهو الحكمة. وإنما كرره بواو العطف لامرين:
أحدهما - قال قتادة: الكتاب القرآن، والحكمة السنة.
والثاني - لاختلاف فائدة الصفتين، وذلك أن الكتاب ذكر للبيان أنه مما يكتب ويخلد ليبقى على الدهر، والحكمة البيان عما يحتاج إليه من طريق المعرفة.