فبئس للظالمين بدلا.
ولاية الناس بعد ولاية الله، وثواب الناس بعد ثواب الله، ورضي الناس بعد رضى الله، فأصبحت الأمة كذلك، وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة معجبون مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم.
وقد كان في الرسل ذكرى للعابدين، إن نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة، ثم يعصى الله تبارك وتعالى في الباب الواحد، فخرج به من الجنة، وينبذ به في بطن الحوت، ثم لا ينجيه إلا الاعتراف والتوبة.
فأعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.
ثم أعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده، فهم مع السادة والكبرة، فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا، وذلك مبلغهم من العلم، لا يزالون كذلك في طبع وطمع.
لا يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير، يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف.
ويعيبون على العلماء بالتكليف، والعلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه أو ميتا لا يحيونه.
فبئس ما يصنعون، لأن الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف، وبما أمروا به، وأن ينهوا عما نهوا عنه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان.
فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد، إن وعظت، قالوا: طغت، وإن علموا الحق الذي تركوا، قالوا: خالفت.
وإن اعتزلوهم، قالوا: فارقت، وإن قالوا: هاتوا برهانكم على ما تحدثون،