لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم، فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله يا رسول الله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، فقال رسول الله: فمن حمدتم؟ قالوا: حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله قال: صدقتم.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟ قالوا: لم نكن نغلب أحدا، قال: بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم، قالوا: كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله، كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدا بظلم قال: صدقتم. وأمر عليهم قيس بن الحصين وكتب لكل منهم أمانا سيأتي إن شاء الله تعالى (1).
فرجع الوفد في بقية شوال أو في صدر ذي القعدة، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم عمرو بن حزم الأنصاري ليفقههم في الدين ويعلمهم معالم الاسلام ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب لعمرو بن حزم عهدا عهد إليه فيه عهده وأمره فيه ونهاه (2).
عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي ثم البخاري يكنى أبا الضحاك، أول مشاهده الخندق، ورده رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحد لعدم بلوغه وقتئذ مبلغ الرجال، وشهد بعد الخندق المشاهد كلها، واستعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بلحارث بن كعب وهو ابن سبع عشرة سنة، وتوفي بالمدينة سنة إحدى وخمسين، وقيل: أربع وخمسين، وقيل: ثلاث وخمسين، وقيل: توفي في خلافة عمر، والأول أصح، راجع سيرة ابن هشام 3: 11 و 4: 265 وأسد الغابة 4 والإصابة 2: 532 والاستيعاب 2: 510.