ديننا كان أحب إلينا.
فقال عبد الله بن سلام: يا قوم اخترتم الدنيا على الآخرة والعذاب على الرحمة؟ قالوا: لا قال: وكيف لا تتبعون داعي الله؟ قالوا: يا ابن سلام ما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول؟ قال: فإذا نسأله عن الكائن والمكون والناسخ والمنسوخ، فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين لنا كما بين الأنبياء من قبل، قالوا: يا ابن سلام سر إلى محمد حتى تنقض كلامه وتنظر كيف يرد عليك الجواب، فقال: إنكم قوم تجهلون، لو كان هذا محمدا الذي بشرنا به موسى وداود وعيسى بن مريم فكان خاتم النبيين، فلو اجتمع الثقلان الإنس والجن على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله " (إلى آخر ما نقله المفيد رحمه الله تعالى) (1).
فكتابه (صلى الله عليه وآله) إليهم كان سنة سبع (وقعت غزوة خيبر في السنة السابعة في محرم) أو قبلها، وخاطبهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) " بأن الأرض لله " ولعله لأجل أن اليهود يرون أن النبوة لا تكون إلا فيهم والنبي لا يبعث إلا فيهم ومنهم، ويرون أن لهم حسبا قوميا، وأن لهم ميزا ذاتيا وشرفا على غيرهم، وحتى يقولوا: ما علينا في الأميين من سبيل.
فكلامه (صلى الله عليه وآله) هذا رد لمزاعمهم الباطلة بأن الله يعلم حيث يجعل رسالته وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وفي الكتاب إيماء إلى اقتراب فنائهم وهلاكهم وتملك المسلمين أرضهم وديارهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.