زمانه وأكثر أهل الجاهلية حكما ومثلا وموعظة سائرة (1)، ولم تكن العرب تفضل عليه أحدا (2).
وكان أكثم من المعمرين عاش ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة وقيل: مائة وتسعين سنة (3) ونقل المرزباني في المعجم من شعر أكثم ما يؤيد القول الثاني:
وإن امرءا قد عاش تسعين حجة * إلى مائة لم يسأم العيش جاهل خلت مائتان غير عشر وفازها * وذلك من عد الليالي قلائل (4) فلما بلغ أكثم ظهور رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أن يأتيه فأبى عليه قومه وقالوا له:
أنت كبيرنا لم تك لتخف إليه، قال: فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه، فانتدب رجلان فأتيا النبي (صلى الله عليه وآله) وقالا: نحن رسول أكثم بن صيفي وهو يسألك من أنت؟ وما أنت؟ وبم جئت؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أنا محمد بن عبد الله، وأنا عبد الله ورسوله، ثم تلا عليهم هذه الآية: * (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * (5).
فرجعا إلى أكثم وأخبراه فلما سمع الآية قال: أي قوم أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، ولا تكونوا أذنابا وكونوا فيه أولا، ولا تكونوا آخرا " (6).