علمت ذلك يا عمرو؟ قلت: كان النجاشي يخرج له خراجا، فلما أسلم النجاشي وصدق بمحمد (صلى الله عليه وآله) قال: لا والله ولو سألني درهما واحدا ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله، فقال له أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خراجا ويدين دينا محدثا؟ فقال هرقل: رجل رغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به، والله لولا الظن بملكي لصنعت كما صنع قال: أنظر ما تقول يا عمرو، قلت: والله صدقتك.
قال عبد: فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه؟ قلت: يأمر بطاعة الله عز وجل وينهى عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان، وعن الزنا وشرب الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب، فقال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد (صلى الله عليه وآله) ونصدق به، ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا، قلت: إنه إن أسلم ملكه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قومه، فأخذ الصدقة عن غنيهم فردها على فقيرهم، قال:
إن هذا لخلق حسن، وما الصدقة؟ فأخبرته بما فرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الصدقات في الأموال، ولما ذكرت المواشي قال: يا عمرو ويؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى في الشجر وترد المياه؟ فقلت: نعم، فقال: والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا.
قال عمرو: فمكثت أياما بباب جيفر وقد أوصل إليه أخوه خبري ثم إنه دعاني فدخلت فأخذ أعوانه بضبعي قال: دعوه، فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني فنظرت إليه فقال: تكلم بحاجتك، فدفعت إليه كتابا مختوما ففض خاتمه فقرأه، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه ثم قال:
ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ فقلت: تبعوه إما راغب في الدين أو راهب مقهور بالسيف، قال: ومن معه؟ قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره، وعرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم إنهم كانوا في ضلال مبين،