منتصف شهر ذي الحجة من سنة 852 ه أشيع ان شيخ الاسلام قد توعك فأنشأ يقول:
(من المجتث) أشكوا إلى الله ما بي * وما حوته ضلوعي قد طال السقم جسمي * بنزله وطلوعي وكان مرضه قد رام أكثر من شهر، حيث أصيب باسهال ورمي دم (ديسانتري)، غير أن السخاوي يقول: " ولا استبعد انه أكرم بالشهادة فقد كان طاعون قد ظهر " ثم أسلم الروح إلى بارئها في أواخر شهر ذي الحجة من سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
واختلف مترجموه في تحديد تاريخ يوم وفاته، كما اختلفوا في تحديد يوم ولادته، على أنهم يتفقون جميعا تقريبا على انها - وفاته - كانت في ليلة السبت من ذي الحجة، والاختلاف ينحصر في تحديدهم لأي سبت منه، وهذا يرجع إلى أن الأرقام عرضة للتحريف أكثر من غيرها فجعلها بعضهم في الثامن والعشرين من ذي الحجة، وجعلها آخرون في التاسع عشر منه، على حين ذكرها فريق ثالث في ثامن عشر من ذي الحجة سنة 852 ه، وترك وصيته التي نقل السخاوي نصها، مستقاة من سرطه يوسف بن شاهين، ومما ورد فيها انه أوصى لطلبة الحديث النبوي والمواظبين على حضور مجالس الاملاء بجزء من تركته.
وفي أواخر أيامه عاده قاضي القضاة سعد الدين بن الديري الحنفي فسأله عن حاله، فأنشده أربعة أبيات من قصيدة لأبي القاسم الزمخشري هي: (من الكامل) قرب الرحيل إلى ديار الآخرة * فاجعل الهي خير عصري اخرة وارحم مبيتي في البور ووحدتي * وارحم عظامي حين تبقى ناخره فانا المسيكين الذي أيامه ولت * بأوزار غدت متواترة فلئن رحمت فأنت أكرم راحم * فبحار جودك يا إلهي زاخره وصلى عليه بمصلاه بكتمر المؤمن، حيث امر السلطان جقمق بان يحضر إلى هناك ليصلي عليه، وتقدم في الصلاة عليه الخليفة باذن من السلطان.
وحضر الشيوخ وأرباب الدولة وجمع غفير من الناس، وازدحموا في الصلاة عليه حتى حزر أحد الأذكياء من مشى في جنازته بأنهم نحو الخمسين الف انسان.