الضعف واليتم، وذوي الستر من أهل الفقر الذين لا ينصبون أنفسهم لمسألة يعتمدون عليها، فاجعل لهم من مال الله نصيبا تريد بذلك وجه الله والقربة إليه، فإن الأعمال إنما تخلص بصدق النيات ".
وفيه مما ينبغي أن يأخذ الوالي به نفسه من الأدب وحسن السيرة:
" ولا بد وإن اجتهدت في إعطاء كل ذي حق حقه أن تطلع أنفس طوائف منهم إلى مشافهتك بالحاجات، وبذلك على الولاة ثقل ومؤونة، والحق ثقيل إلا من خففه الله تعالى عليه، وكذلك ثقل ثوابه في الميزان، فاجعل لذوي الحاجات قسما من نفسك، ووقتا تأذن لهم فيه، وتسمع لما يرفعونه إليك، وتلين لهم جناحك، وتحمل خرق ذوي الخرق منهم، وعي أهل العي فيهم بلا أنفة منك ولا ضجر، فمن أعطيت منهم فأعطه هنيئا، ومن حرمت فامنعه بإجمال ورد حسن، وليس شئ أضيع لأمور الولاة من التواني، واغتنام تأخير يوم إلى يوم، وساعة إلى ساعة، والتشاغل بما لا يلزم عما يلزم.
فاجعل لكل شئ تنظر فيه وقتا لا تقصر به عنه، ثم أفرغ فيه مجهودك، وامض لكل يوم عمله، وأعط لكل ساعة قسطها، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل المواقيت وإن كانت كلها لله إذا صحت فيها نيتك، ولا تقدم شيئا على فرائض دينك في ليل ولا نهار حتى يؤدي ذلك كاملا موفرا، ولا تطل الاحتجاب، فإن ذلك باب من سوء الظن بك، وداعية إلى فساد الأمور عليك، والناس بشر لا يعرفون ما غاب عنهم.
وتخير حجابك، واقص منهم كل ذي أثرة على الناس وتطاول وقلة إنصاف، ولا تقطعن لأحد من أهلك، ولا من حشمك ضيعة، ولا تأذن لهم في اتخاذها إذا كان يضر فيها بمن يليه من الناس، ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك، فإن في الصلح