عقدها لك (1)، ولا يعجز عن إطلاق عقدة عقدت عليك، ولا يجهل مع ذلك معرفة نفسه، ومبلغ قدره في الأمور، فإن من جهل قدر نفسه كان بقدر غيره أجهل.
وول ما دون ذلك من كتابات رسائلك، وجماعات كتب خراجك، ودواوين جنودك كتابا تجهد نفسك في اختيارهم، فإنها رؤوس أمورك، وأجمعها لمنفعتك، ومنفعة رعيتك، فلا يكونن اختيارك لهم على فراستك فيهم، ولا على حسن الظن منك بهم، فإنه ليس شئ أكثر اختلافا لفراسة أولي الأمر، ولا خلافا لحسن ظنونهم من كثير من الرجال، ولكن اخترهم على آثارهم فيما ولوا قبلك، فإن ذلك من صالح ما يستدل به الناس بعضهم على أمور بعض، وأجعل لرأس كل أمر من تلك الأمور رئيسا من أهل الأمانة (2) والرأي ممن لا يقهره كبير الأمور، ولا يضيع لديه صغيرها.
ثم لا تدع مع ذلك أن تتفقد أمورهم وتنظر في أعمالهم، وتلطف بمسألة ما غاب عنك من حالهم، حتى تعلم كيف حال معاملتهم للناس فيما وليتهم، فإن في كثير من الكتاب شعبة من عز ونخوات وإعجاب، ويسرع كثير إلى التبرم بالناس، والضجر عند المنازعة، والضيق عند المراجعة، ولا بد للناس من طلب حاجاتهم، فمتى جمعوا عليهم الإبطاء بها والغلظة ألزموك عيب ذلك، فأدخلوا مؤنته عليك، وفي ذلك من صلاح أمورك مع مالك فيه عند الله من الجزاء حظ عظيم إن شاء الله ".
وفيه مما ينبغي للوالي أن ينظر فيه من طبقة التجار والصناع (3):
" انظر إلى التجار وأهل الصناعات، فاستوص بهم خيرا، فإنهم مادة للناس