أبلى في كل مشهد، وإظهار ذلك منك عنه، فإن ذلك يهز الشجاع ويحرض غيره، ثم لا تدع مع ذلك أن تكون لك عليهم عيون من أهل الأمانة والصدق، يحضرونهم عند اللقاء، ويكتبون بلاء كل منهم، حتى كأنك شهدته (1) ثم اعرف لكل امرئ منهم ما كان منه، ولا تجعلن بلاء امرئ منهم لغيره، ولا تقصرن به دون بلائه، وكاف كل امرئ منهم بقدر ما كان منه، واخصصه بكتاب منك تهزه به، وتنبئه بما بلغك عنه.
ولا يحملنك شرف امرئ على أن تعظم من بلائه صغيرا، ولا ضعة امرئ أن تستخف ببلائه إن كان جسيما، ولا تفسدن أحدا منهم عندك علة عرضت له، أو نبوة كانت منه قد كان له قبلها حسن بلاء، فإن العز بيد الله يعطيه إذا شاء، ويكفه إذا شاء، ولو كانت الشجاعة تفتعل لافتعلها أكثر الناس، ولكنها طبايع بيد الله ملكها، وتقدير ما أحب منها.
وإن أصيب أحد من فرسانك، وأهل النكاية المعروفة في أعدائك فأخلفه في أهله بأحسن ما يخلف به الوصي الموثوق به في اللطف بهم، وحسن الولاية لهم، حتى لا يرى عليهم أثر فقده، ولا يجدرن لمصابه (2)، فإن ذلك يعطف عليك قلوب فرسانك، ويزدادون به تعظيما لطاعتك، وتطيب النفوس (3) بالركوب لمعاريض التلف في تسديد أمرك ".
وفيه مما ينبغي للوالي أن ينظر فيه من أمور القضاء بين الناس:
" انظر في القضاء بين الناس نظر عارف (4) بمنزلة الحكم عند الله، فإن الحكم