إلهي إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي إليك في واضح الطريق، وإن أسلمتني أناتك لقائد الأجل وألمني فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى، وإن خذلني بضرك عند محاربة النفس والشيطان فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان، إلهي أتراني ما أتيتك إلا من حيث الآمال، أم علقت بأطراف حبالك إلا حين باعدت بي ذنوبي عن دار الوصال، فبئس المطية التي امتطت نفسي من هواها، فواها لها لما سولت لها ظنونها ومناها، وتبا لها لجرأتها على سيدها ومولاها.
إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئا من فرط أهوائي، وعلقت بأطراف حبالك أنامل ولائي، فاصفح اللهم عما كنت أجرمته من زللي وخطائي، وأقلني من صرعة ردائي إنك سيدي ومولاي ومعتمدي ورجائي، و [أنت] غاية [مطلوبي] ومناي في منقلبي ومثواي.
إلهي كيف تطرد مسكينا التجأ إليك من الذنوب هاربا، أم كيف تخيب مسترشدا قصد إلى جنابك ساعيا، أم كيف تطرد ظمآن ورد على حياضك شاربا، كلا وحياضك مترعة في ضنك المحول، وبابك مفتوح للطلب والوغول، وأنت غاية السؤال ونهاية المأمول.
إلهي هذه أزمة نفسي عقلتها بعقال مشيتك، وهذه أعباء ذنوبي درأتها بعفوك ورحمتك، وهذه أهوائي المضلة وكلتها إلى جناب لطفك ورأفتك، فاجعل اللهم صباحي هذا نازلا علي بضياء الهدى، وبالسلامة في الدين والدنيا، ومسائي جنة من كيد الأعداء، ووقاية من مرديات الهوى، إنك قادر على ما تشاء، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت، وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب [لا إله إلا أنت].