أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها ولبثوا (1) في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم (2) العلماء من صيدها، ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت، ولم تنهوا عن صيدها (3)، فاصطادوا يوم السبت [وأكلوها] فيما سوى ذلك من الأيام، فقالت طائفة منهم:
الآن نصطادها فعتت وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين، فقالوا: ننهاهم (4) عن عقوبة الله أن تتعرضوا بخلاف أمره (5)، واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار، فتنكبت (6) فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: " لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا " فقالت الطائفة التي وعظتهم: " معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون " قال: فقال الله عز وجل: * (فلما نسوا ما ذكروا به) * يعني لما تركوا ما وعظوا به ومضوا على الخطيئة فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم.
قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء، فنزلوا قريبا من المدينة، فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة، فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا، ولم يسمعوا منها حس أحد (7)، فوضعوا سلما على سور المدينة، ثم أصعدوا رجلا منهم، فأشرف على المدينة، فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون ".
فقال الرجل لأصحابه: يا قوم أرى والله عجبا، فقالوا: وما ترى؟ قال: أرى