ينفعني معك شئ، وقد أفسدت أخي وقويت نفسه حتى امتنع مما أريده، ووالله لأقتلنك فدعا بالسيف والنطع وأبركه ليضرب عنقه. فقال له إبراهيم ابن ذكوان الحراني يا أمير المؤمنين: إن ليحيى عندي يدا أريد أن أكافئه عنها فأحب أن تهبه لي الليلة وأنت في غد أعلا عينا وما تراه في أمره. فقال وما فائدة ليلة؟ فقال: إما أن يعود صاحبه إلى رضاء أمير المؤمنين أو يعهدك في أمر نفسه وولده فأجابه. قال يحيى فأقمت من النطع وقد أيقنت بالموت وعلمت أنه لم يبق من أجلى إلا بقية الليلة فما اكتحلت غمضا إلى السحر سمعت صوت القفل ففتح عنى فلم أشكك أن الهادي استدعاني للقتل لما انصرف إبراهيم كاتبه وانقضت الليلة فإذا بخادم قد أقبل وقال: أجب السيدة. فقلت:
مالي وللسيدة؟ فقال: قم. قال: فقمت فأتيت الخيزران. فقالت لي: إن أمير المؤمنين قد مات، ونحن نساء فأدخل وأصلح أمره، وأنفذ إلى هارون فجئ به فدخلت فإذا هو ميت على فراشه وأمة العزيز تبكى على رأسه فغمضته وشددت لحيته، وحمدت الله على لطيف صنعه وتفريجه ما كنت فيه، وبادرت إلى هارون فوجدته نائما فأيقظته فلما رآني عجب وقال ويحك: ما الخبر؟ فقلت يا أمير المؤمنين: قم إلى دار الخلافة. فقال: مات موسى قلت: نعم. فقال الحمد لله هاتوا ثيابي فقبل أن يلبسها جاءني من عرفني سرا أنه قد ولد له ابن من مراجل، ولم يكن عرف الخبر فقلت أقر الله عينك يا أمير المؤمنين بابن مراجل فحمد الله كثيرا وسماه عبد الله المأمون وركب وأنا معه إلى دار الخلافة.
ووجدت في بعض الكتب أن الحجاج كان يستعرض قوما من أصحاب ابن الأشعث فقتل منهم جماعة ثم جئ برجل فأمر بضرب عنقه فقال أيها الأمير: إن لي عليك حقا. فقال: إنه سبك عبد الرحمن يوما فرددت عليه قال ومن يعلم هذا؟ فصاح الرجل: أنشد الله رجلا سمع ذلك إلا شهد به فقام من الاسرى رجل وقال: قد كان ذلك. قال: خلوا عنه. ثم قال للشاهد: ما منعك أن تنكر سبى كما أنكر هو؟ قال: قديم بغضي لك. فقال خلوا عنهما هذا ليده