بك صدع الدين، ولم بك شعث المسلمين، إن الذنوب تخرس الألسنة، وتخلع الأفئدة، وأيم الله لقد عظمت الجريرة، وانقطعت الحجة، وساء الظن ولم يبق إلا عفوك أو انتقامك وأنشد:
أرى الموت بين النطع والسيف كامنا * يلاحظني من حيث لا أتلفت وأكثر ظني أنك اليوم قاتلي * وأي امرء مما قضى الله يفلت وأي امرء يدلى بعذر وحجة * وسيف المنايا بين عينيه مصلت وما جزعي من أن أموت وأنني * لاعلم أن الموت شئ موقت ولكن خلفي بلية قد تركتهم * وأكبادهم من حسرتي تتفتت كأني أراهم حين أنعى إليهم * وقد لطموا تلك الوجوه وصوتوا فإن عشت عاشوا سالمين بغبطة * إذ ود الردى عنهم وإن مت موتوا فاستعبر المعتصم ثم قال يا تميم: قد عفوت عنك من الهفوة، ووهبتك للصبية وأمر بفك قيوده وخلع عليه، وعقد عليه سقى الفرات.
وقال أوتى معن بن زائدة بثلاثمائة أسير فأمر بضرب أعناقهم فأحضر سيف ماض وسياف ونطع وقدم واحد منهم فقتل، ثم قدم غلام كان فيهم فقال يا معن: لا تقتل أسراك وهم عطاش. فقال اسقوهم ماء فشربوا. فقام الغلام فقال أيها الأمير: لقد أطعنا في السؤال وإن لكل كبد حرا أجر، ونحن والله جياع فإن رأيت أن تشبعنا قبل قتلنا فافعل. فأمر لهم بطعام فأكلوا فلما شبعوا قام الغلام فقال أيها الأمير: كنا أسراك والآن سرنا أضيافك.
فقال خلوا عنهم فأطلقوهم جميعا * وقرأت في بعض الكتب كان موسى الهادي قد طالب أخاه هارون أن يخلع نفسه من العهد لصيره لابنه من بعده ويخرج هارون من الامر فلم يجب إلى ذلك، فأحضر يحيى بن خالد البرمكي ولطف به وداره ووعده ومناه وسأله أن يشير على هارون بالخلع فلم يجب يحيى إلى ذلك ودافعه عنه، وهدده الهادي وتوعده وجرت بينهما في ذلك خطوب وأشرف يحيى معه على الهلاك وهو مقيم على مدافعته عن صاحبه إلى أن اعتل الهاذي علته التي مات فيها واشتد به فدعا يحيى وقال له: ليس