أو يتلف، وكان بين علي بن عيسى وغسان بن عباد عداوة فانصرف من دار المأمون آيسا من نفسه لا يقدر على شئ من المال فقال له كاتبه: لو عرجت على غسان وأخبرته بخبرك لرجوت أن يعينك عليه. قال: فحملته على قبول ذلك فدخل على غسان فتلقاه بجميل ووفاه حقه فقص عيه كاتبه قصته.
فقال له: أرجوا أن يكفيه الله، ونهض علي بن عيسى آيسا من نفسه كاسف البال نادما على قصده. وقال لكاتبه لما انصرف: ما أفدتني بقصد غسان إلا لتجعل المهانة والذل لي، وتشاغل في طريقه بلقاء بعض إخوانه وعاد إلى داره، فوجد على داره بغالا عليها أربعون ألف دينارا مع رسول غسان ابن عباد فبلغه سلامه وعرفه عنه بما دفع إليه وسلم إليه المال وتقدم بحضور دار المأمون في غد ذلك اليوم. فبكر علي بن عيسى فلما وصل الناس إلى المأمون مثل غسان بن عباد بين الصفوف، وقال يا أمير المؤمنين: إن لعلي بن عيسى حرمة وخدمة وسالف أصل ولأمير المؤمنين عليه سالف إحسان وقد لحقه من الخسران في ضمانة ما قد تعارفه الناس وجرى عليه من حدة المطالبة وشدتها والوعيد بضرب السياط ما حيره وقطعه عن احتيال ما عليه، فإن رأى أمير المؤمنين أن يسعفني ببعض ما عليه ويضعه عنه فعل.
قال: فلم يزل به إلى حطه النصف واقتصر منه على عشرين ألف دينار، قال غسان على أن تجدد عليه الضمان وتشرفه بخلع. فأجابه المأمون إلى ذلك.
قال: فيأذن لي أمير المؤمنين أن احمل الدواة إليه ليوقع بذلك فيبقى شرف حملها على وعلى عقبى. قال: افعل ففعل. وخرج علي بن عيسى والتوقيع معه بذلك وعليه الخلع. فلما وصل إلى منزله رد العشرين ألف دينا لي إلى غسان وشكره فردها غسان وقال إني لم استحطتها لنفسي وإنما أحببت توفيرها عليك واستحطتها لك، وليس والله يعود شئ من المال إلى ملكي.
وحكى أحمد بن أبي داود. قال: ما صحب السلطان أجلد من عمر بن فرج الرجحي، ولا أزجل ولا أخبث منه. غضب عليه المعتصم يوما وهم بقتله وأمر بحضوره فجاء وقد نزف دمه. فقال المعتصم: السيف يا غلام. فجعلت