كنت مع الرشيد بطوس لما ثقلت علته وقد ورد بكر بن المعتمر والمأمون حينئذ بمرو، وقد ظفر الرشيد بأخي رافع بن الليث. فأحضر ذلك اليوم ومعه قرابة له فخلع الرشيد على بكر وصرفه إلى منزله. ثم أمر بإحضاره ومطالبته بالكتب فجحدها فأمر بحبسه ثم جلس الرشيد مجلسا عاما في مضرب خز أسود، استدارته أربعمائة زراع، وقبابه مغشاة بخز أسود وهو جالس في فازة خز أسود في وسط المضرب، والعمد كلها سود وقد جعل مكان الحديد فضة، والأوتاد والحبال كلها سود وعليه جبة خز سوداء وعليه فتك قد استشعره لما هو فيه من شدة البرد والعلة، وفوقها دراعة خز أسود مبطنة بفتك وقلنسوة طويلة وعمامة خز سوداء وهو عليل لما به وخلف الرشيد خادم يمسكه لئلا يميل ببدنه، والفضل بن الربيع جالس بين يديه فقال للفضل: مر بكرا باحضار ما معه من الكتب السرية فأنكرها وقال: ما كان معي إلا الكتب التي أوصلتها. فقال للفضل: توعده وأعلمه ان لم يفعل قتلته فأقام ينكر وقال: ما كان معي إلا الكتب التي أوصلتها. فقال الرشيد بصوت:
قنبوه. فنحى بكر وجئ بالقنب وقنب من قرنه إلى قدمه. قال بكر:
فأيقنت بالقتل ويئست من نفسي وعملت على الاقرار فأنا على ذلك حتى أحضر هارون أخي رافع وقرابته الذين كانوا معه وقال أيتوهم رافع أنه يغلبني والله لو كان معه عدد نجوم السماء لألتقطهم واحدا بعد واحد حتى أقتلهم عن آخرهم، فقال الرجل: الله الله يا أمير المؤمنين فان الله تعالى يعلم، وأهل خراسان أنى برئ من أخي منذ عشرين سنة ملازم مسجدي فاتق الله تعالى في وفى هذا الرجل. فقال له قطع الله لسانك. فسكت فقال: آخى الثالث أنت والله منذ كذا وكذا تدعو الله تعالى بالشهادة فلما رزقنها على يدي أشر خلقه أخذت في الاعتذار فاغتاظ الرشيد وقال: على بجزارين فقال له قرابتي يا هارون.
إفعل ما شئت. فانا نرجو أن نكون نحن وأنت بين يدي الله تعالى في أقرب مدة فتعلم كيف يكون حالك. فصاح وأمر الجزارين بهما فقطعا عضوا عضوا فوالله ما فرغ منهما حتى توفى الرشيد. فقال بكر وأنا أتوقع القتل بعدهما