بنار كانت موقدة، ودفيت وطرحت عنى تلك الثياب، وفتحت خرجي فلبست منه ثيابا، وأخذت كساء الراهب ونمت فيه إلى العصر ثم انتبهت، وأنا سالم غير منكر شيئا من نفسي، فطفت بالدير حتى رأيت طعاما فأكلت وسكنت نفسي، وظفرت بمفاتيح بيوت الحصن في يدي فأقبلت أفتح بيتا بيتا فإذا أنا بمال من عين وثياب وآلات ورحالات أقوام وأخراجهم، وإذا عادته كانت هكذا مع كل من يجتاز به منفردا فلم أدر كيف أعمل في ثقل المال وما وجدته فلبست ثياب الراهب، وأقمت في موضعه أياما أترائي لمن يجتاز بي من بعد فلا يشكون في أنني هو، وإذا قربوا لم أبرز لهم وجهي إلى أن خفى لهم خبري ثم نزعت تلك الثياب، وأخذت جواليقا فملأتها مالا وجعلتها على الدابة، ومشيت وسقت إلى أقرب قرية، واكتريت فيها منزلا، ولم أزل أنقل إليه كلما وجدته حتى لم أدع شيئا له قدر إلا حصلته في القرية ثم أقمت إلى أن اتفقت لي قافلة، وحملت من تلك الأمتعة كل ما قدرت عليه، ورفعته إلى المحمل، وسرت في قافلة عظيمة لنفسي بغنيمة هائلة حتى قدمت بلدي، وقد حصلت لي عشرات ألوف دراهم ودنانير وسلمت من الموت * حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن الحسين العبقسي الشاعر قال: كان لأبي مملوك يسمى مقبل فأبق منه، ولم يعرف له خبرا سنين كثيرة، ومات أبى وتغربت عن بلدي، ووقعت إلى نصيبين، وأنا حدث فبينما أنا مجتاز يوما في سوقها وعلى لباس فاخر، وفى كمي منديل فيه دراهم كثيرة رأيت غلاما مقبلا فحين رآني انكب على يدي فقبلها وأظهر سرورا شديدا بي، وأقبل يسألني عن أبي وأهلنا فأعرفه موت من مات وخبر من بقي ثم قال لي:
يا سيدي متى دخلت إلى هاهنا، وفي أي شئ؟ فعرفته. فأخذ يعتذر من هربه منا ثم قال: أنا مستوطن هاهنا، وأنت مجتاز فلو أنعمت على وجئت في دعوتي فانى أحضر لك نبيذا طيبا وغناء حسنا، فاغتررت به وبالصبا، ومضيت معه حتى بلغ بي إلى آخر البلد، وإلى دور خراب ثم انتهى إلى دار عامرة مغلقة الأب فدقه ففتح له، ودخل فدخلت، وحين حصلت الدهليز أغلق الباب بسرعة واستوثق منه فتنكرت لذلك ودخلت الدار فإذا أنا بثلاثين رجلا بالسلاح