يتطلعن إلى ما أجئ به فأخبرتهن بخبري وأصحبت نادما على فعلى وقد ورد على وعلى عيالي ما لم يكن في حسابنا فمكثت حينا لا يأتي رسول الرجل إلى أن جاءني بعد مدة فصرت إليه فعاودني مثل ذلك الفعل وعاودته الامتناع وانصرفت مخفقا فأقبلت امرأتي على باللوم والتوبيخ فقلت لها: أنت طالق ثلاثا إذ عاودني فلم آخذ ما يعطيني. فمكثت على ذلك مدة أطول من الأولى ثم جاءني رسوله، فلما أردت الركوب قالت لي امرأتي يا مشؤم أذكر يمينك وبكاء بناتي، وسوء حالك وصرت إلى الرجل فلما مضينا إلى الشراب وأنا أحادثه إلى أن أبلج الفجر وأخرج إلى الجراب فعاودني في الكلام. فأخذته، فقبل رأسي وتنكرني على قبوله وقدم إلى الفرس وانصرفت عنه إلى منزلي فلقيت الجراب فلما رأينه عيالي سجدن لله شكرا وفتحناه فإذا هو مملوء دنانير فأصلحت من حالي، واشتريت مركوبا وثيابا حسنة وأثاثا وضيعة قدرت أن غلتها تفي بي وبعيالي بعدي واستظهرت على زماني ببقية الدنانير وانهال الناس على يظهرون الفرح بما تجدد لي وظنوا أنى كنت غائبا في انتجاع ملك وعدت مسريا. وانقطع رسل الرجل عنى فبينما أنا أسير في القرب من منزلي وإذا ضوضاء شديدة وجماعة متجمعة فقلت ما هذا؟ فقالوا:
رجل من مدينة فلان يقطع الطريق فطلبه السلطان إلى أن عرف خبره هنا فهجم عليه فخرج على الناس بالسيف يمنع عن نفسه فقربت من الجميع وتأملت الرجل فإذا هو صاحبي بعينه يقاتل الناس والشرط فينكشف الناس عنه ويكرون عليه ويضايقونه، فنزلت عن فرسى وأقبلت أقوده حيت دنوت منه وقد انكشفت الناس فقلت له: بأبي أنت وأمي أنت شأنك والفرس.
واطلب النجاة فاستوى على ظهره فلم يلحقوه فقبض على وأقبلوا يتهددوني حتى جاؤوا إلى عيسى بن موسى وكان لي عارفا فقالوا: أيها الأمير إنا كدنا أن نأسر الرجل فجاء هذا فأعطاه فرسا فنجاه عليه، فاشتد غضب عيسى بن موسى وكاد أن يوقع بي وأنا منكر وشرحت له ما كان أفضى بي الحال إليه وما عاملني به الرجل من الجميل وإني كافأته فقال لي: أحسنت لا بأس عليك. ثم التفت إلى الناس وقال يا حمقى هذا مستفتل بسيف قد تكلمتم عنه بأجمعكم