فلا يبعدنك الله خلا فإنني * سألقى كما لاقيت في الحب مصرعي ثم انطلقت حتى وقفت موقفي من عرفات فبينما أنا كذلك إذا بإنسان قد تغير لونه، وساءت هيأته فأدنى ناقته من ناقتي ثم خالف بين أعناقهما وعانقني وبكا حتى اشتد بكاؤه فقلت ما وراءك فقال نوح العذل وطول المطل ثم أنشأ يقول:
لئن كانت غدية دات لب * لقد علمت بأن الجب داء ولا تنظر إلى تغيير جسمي * وإني لا يفارقني البكاء فإني لو تكلفني كلاما * لعف الكلم وانكشف الغطاء وان معاشري ورجال قومي * حتوفهم الصبابة واللقاء إذا العذارى مات حليف قوم * فذاك العبد تبكيه الرشاء فقلت يا أبا المسهر انها ساعة يضرب إليها أكباد الإبل من شرق الأرض وغربها فلو دعوت كنت تتمنى أن تظفر بحاجتك قال فتركني وأقبل على الدعاء فلما نزلت الشمس للغروب وهم الناس أن يفيضوا منه سمعته يتكلم بشئ فأصغيت إليه فإذا هو يقول يا رب كل غدوة وروحة * من محرم يشكو الضنا ولوحة أنت حسيب الخطب يوم الدوحة فقال وما يوم الدوحة فقا: والله لأخبرنك ولو لم تسألني وتيممنا نحو مزدلفة فأقبل على وقال إني رجل ذو مال من نعم وشأ وذو المال لا يعذره القل ولا يرويه الثمار وانى خشيت عام الأول على مالي التلف ونصر الغيث أرض كلب فانتجعت أخوالي منهم فأوسعوا لي عن صدر المجلس وسقوني حمة الماء وكنت معهم في خير أحوال، ثم انى عزمت على مرافقة إبلي بماء لهم يقال له الحردان فركبت فرسى وسمطت خلفي شرابا كان أهداه إلى بعضهم ثم مضيت حتى إذا كنت بين الحي ومرعى الغنم رفعت لي دوحة عظيمة فنزلت عن فرسى وشددته بغصن من أغصانها وجلست في ظلها فبينما أنا كذلك إذ سطع غبار من ناحية الحي ثم رفعت لي شخوص ثلاثة ثم تبينت فإذا فارس يطرد مسحلا وأتانا فتأملته فإذا عليه درع أصفر وعمامة خز