فلم يجد عندها ما يحب فأتى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وروى أبو الفرج قبل هذا في أخبار قيس باسناد مفرد لم أذكره ههنا خوف الإطالة أنه كان رضيع الحسين عليه السلام، وأتى إلى ابن عتيق، وكان صديقه فشكا إليهما ما به، وما رد عليه أبوه. فقال له الحسين عليه السلام: أنا أكفيك. فمشى معه إلى أبى لبنى، فلما بصر به أعظمه ووثب إليه وقال: يا ابن رسول الله ما جاء بك الا بعثت إلى فأتيك فقال: إن الذي جئت له يوجب قصدك، وقد جئتك خاطبا لبنى لقيس بن دريح. فقال:
يا ابن رسول الله الا بعثت إلى وما كنا لنعصي لك أمرا، وما بنا عن الفتى رغبة، ولكن أحب أمرين إليها أن يخطبها أبوه دريج، وأن يكون ذلك عن أمره، فإنا نخاف إن سمع أبوه بعد هذا يكون عارا وسبة علينا. فأتى الحسين رضي الله عنه دريجا، وقومه مجتمعون عليه فقاموا إليه اعظاما وقالوا له مثل قول الخزاعيين. فقال يا دريج: أقسمت عليك الا خطبت لبنى لابنك قيس.
قال: السمع والطاعة لأمرك. فخرج معه في وجوه قومه حتى أتى حي لبنى فخطبها دريج على ابنه لأبيها فزوجه إياها، وزفت إليه. فأقام معها مدة لا ينكر أحدهما من صاحبه شيئا، وكان أبر الناس بأمه فألهته لبنى وعكوفه عليها عن بعض ذلك فوجدت أمه في نفسها وقالت: لقد شغلت هذه المرأة ابني عن برى، ولم تر للكلام موضعا، حتى مرض قيس مرضا شديدا.
فلما برأ قالت أمه لأبيه: لقد خشيت أن يموت قيس ولم يترك خلفا، وقد حرم الولد من هذه المرأة، وأنت ذو مال فيصير مالك إلى الكلالة فزوجه بغيرها لعل الله أن يرزقه ولدا، وألحت عيله في ذلك. فأمهلها حتى اجتمع قومه ثم قال يا قيس: إنك اعتللت هذه العلة ولا ولد لك ولا لي سواك، وهذه المرأة ليست بولود فتزوج إحدى بنات عمك لعل الله تعالى أن يهب لك ولدا تقربه أعيننا وعينك. فقال قيس: لست متزوجا غيرها أبدا. فقال أبوه ان في مالي سعة فتسرى بالإماء. فقال. ولا أسؤها بشئ أبدا. فقال أبوه:
إني أقسم عليك إلا طلقتها. فأبى وقال: الموت والله أسهل على من