نفسك ومنهم من يطير بي وأنا ملازم لهم ولأبوابهم وقد تركت خدمة صاحبي وبطل أمر داري وضيعتي فطال هذا على المتقى وأمه وأضاقا من أجل إخلالي بالنظر في أمورهما فطلبا كاتبا يصرفانني به، وبلغ الخبر إلى وقد كنت آيست من الجارية فعزلت نفسي وقلت ليس بعد الصرف إلا الفقر والنكبة وذهاب الخير ولو كنت اشتريتها لكنت الآن قد ملكتها فلم أفقر نفسي وأقطع تصرفي وأقبلت أعظ نفسي وأسليها ليلتها كلها إلى أن طاوعتني على الصبر فبكرت إلى دار المتقى وبدأت النظر في أموره ورأوا منى خلاف ما تقدم فسروا بذلك وقالوا: أنت أحب الناس إلينا من غيرك ومن الغريب الذي نستأنفه فضمنت لهما الملازمة وتمشية الأمور وأقمت على ذلك معهم مدة ثم اشتقت إلى الشرب وكنت قد هجرته منذ فقدت الجارية إلى ذلك اليوم فقلت للغلام امض فاصلح لنا مجلسنا للشرب وعد أصحابنا أعنى أصدقاء لي كانوا يعاشرونني للرواح إلى ولا تدع غناء فلما قضيت شغلي عدت إلى داري واجتمع أصدقائي وصوبوا رأيي وجلسنا نشرب ونتحدث ونلعب بالشطرنج فقالوا: لو دعوت غناء فقلت أخاف أن أتذكر به أمرى فجلسوا عندي إلى أن صليت العشاء الآخرة وانصرفوا. وجلست وحدي أشرب القدح بعد القدح فلما مضت قطعة من الليل إذا بابى يدق دقا عنيفا فقال بوابي من هذا؟ فقال خادم من دار أمير المؤمنين فقامت قيامتي ولم أشك أن خبري قد اتصل به فأنكره وقال مثل هذا لا يصلح أن يكون كاتبا لامرأة ولا مدبرا لغلام حدث وأنه قد أنفذ للقبض على ويريد نكبتي فقمت أمشى في صحن الدار لأخرج من باب آخر كان لي فاستتر فإذا الخدم قد دخلوا ومعهم بغلة عليها عمارية وشموع وإذا قد نزل من العمارية جاريتان إحداهما معشوقتي فبهت وقال أحد الخدم وهو كالرئيس لهم مولانا يقرؤك السلام ويقول: عرفت خبرك مع هذه الجارية فرحمتك وقد وهبتها لك مع جميع مالها وتركها الخادم وعدة بغال عليها أثقال من صنوف الثياب والفرش والآلات والقماش وعدة جوار وانصرف الرسول فأخذت بيد عشيقتي وأدخلتها المجلس فلما رأته والشرب قالت سلوت عنى
(٣٨٥)