أن خرج الفضل في وقت السحر فلقيته وبين يديه خرائط محمولة فقال لي:
صليت صلاة الليل؟ فقلت: نعم. فقال: لكني ما صليت فكن هنا حتى أصلى. فصلى ثم انفتل من صلاته فدعاني وقال: أتدري ما هذه الخرائط؟
قلت: لا. قال: هذه ثمان وستون خريطة وردت فقرأتها وأجبت عنها جميعها بخطى. فدعوت له بحسن المعونة والتوفيق. ثم قال لي باديا: إن أبا محمد الحسن بن سهل قد دفع إلى واسط ورأي أمير المؤمنين أن يمده بدينار بن عبد الله، ونعيم بن حازم في عشرة آلاف رجل. وأن تقلد الانفاق على عسكريهما وأن يجرى لك في كل شهر عشرة آلاف درهم ولكاتبك ثلاثة آلاف درهم ولقراطيسك ألف درهم وأن يوظف لك على كل عسكر عشرة أحمال تحملك أو خمسمائة درهم عوضا عنها، ثم أمد في ذك الوقت أن يحمل لي أرزاق ثلاثة أشهر. فما صليت صلاة الصبح حتى حمل لي اثنان وأربعون ألف درهم. وأخذ في جهاز العسكرين قال: وبعث إلى الفضل بن سهل بفرس من دوابه، وأمرني أن أبعث إلى نعيم بن حازم، وأظهر أنه خصه به، وأنه من خيله الذي يركبها. فوجهت به إلى نعيم بن حازم وأظهر السرور والابتهاج بذلك، والتعظيم له فوهب لغلامي عشرة آلاف درهم، وبعث إلى بخمسين ألف درهم فكتبت بذلك إلى الفضل. فوقع على رقعتي أردد على نعيم ما أمر لك به ووهبه لغلامك واقبض لنفسك عوضا منه مائة وعشرون ألف درهم. ثم أمر بعد أيام لدينار بسبعمائة ألف درهم صلة ومعونة ولنعيم بخمسمائة ألف درهم فبعثت بها إليهما فبعث إلى كل واحد منهما بخمسين ألف درهم. فكتبت إلى الفضل رقعة أخبره فيها بما فعلاه فوقع على ظهرها اقبل من دينار ما بعث به، واردد إلى النعيم ما بعث به. واقبض لنفسك عوضا عن ذلك مائة ألف درهم. قال: ونقلنا عن مرو فلما صرنا في الطريق ورد على كتاب الفضل يأمرني فيه: أن أحمل إلى دينار ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم، وإلى نعيم ألف ألف درهم فبعث إلى دينار ألف درهم وخمسين ألف درهم وبعث إلى نعيم مائة ألف درهم فقبلت من دينار ما بعث به إلى، ورددت على نعيم حسب ما كان حد لي في رقعته الأولى والثانية،