عاد وشداد فقلنا نعم فترجل ودعانا للبراز فانقضضنا عليه فضرب ساق أخي بالسيف ضربة أقعدته وعاد إلى فقبض على كتفي فما أطقت الحركة فكتفني ثم كتف أخي وطرحنا على الناقة كالزاملتين ثم ركبها وسار بعد أن أخذ من القافلة ما كان فيها من عين وورق وحلى وشيئا من الزاد وأوقر الراحلة بذلك وسار بنا على غير محجة في طريق لا نعرفه بقية يومنا وليتنا وبعض الثاني حتى أتى جبلان لا نعرفهما وأوغل فيهما وانتهى إلى مغارات وأناخ الراحلة ثم رمى بنا عنها وتركنا في الكتاف وجاء إلى مغارة على بابها صخرة لا ينقلها إلا الجماعة الكثيرة فنحاها عن الباب واستخرج منها جارية حسناء وسائلها عن خبرها وجلسا يأكلان مما جاء به من الزاد ثم قال لها: قومي فقامت فدخلت إلى الغار ثم جاء إلى أخي فذبحه وأنا أراه وشواه وأكله وحده حتى لم يدع منه غير عظامه ثم استدعى الجارية فخرجت فجعلا يشربان فلما توسط شربه جرني فلم أشك في أن يريد ذبحي فإذا هو قد طرحني في غار من تلك المغارات وحل كتافي وأطبق الباب بصخرة عظيمة قال: فآيست من الحياة وعلمت أنه إنما أخرني لغد فلما كان في الليل لم أحس إلا بالمرأة تكلمني فقلت ما لك: فقالت إن هذا العبد قد سكر ونام وهو يذبحك في الغد كما ذبح صاحبك فإن كانت لك قوة فاجتهد في دفع الصخرة، وأخرج وأقتله وانج بنفسك وبى فقلت ومن أنت فقالت: أنا امرأة من أهل البلد الفلاني ذات نعمة خرجت أريد أرضا بالبلد الفلاني فخرج هذا عدو الله على القافلة التي كنت فيها فاستهلكها وأخذني غصبا وأنا منذ كذا وكذا شهرا على هذه الصورة ويرتكب منى الحرام وأشاهد ذبح الناس وأكله لهم ولا يوصف له إنسان بشدة بدنه إلا قصده ثم يقهره ويجئ به فيأكله ويعتقد أن شدته تنتقل إليه وإذا خرج حبسني في الغار وخلف عندي مأكولا وماء لأيام ولو اتفق أنه يحتبس عنى ولو يوما لمت جوعا وعطشا فقلت إنني والله ما أطيق قلع الصخرة قالت ويلك فجرب نفسك قال فجئت إلى الصخرة واعتمدتها بقوتى فتحركت فنظرت فإذا قد وقعت تحت الصخرة حصاة صغيرة وقد صارت الصخرة متركبة تركيبا صحيحا وذلك لما أراده الله سبحانه وتعالى من خلاصي فقلت
(٣٤٣)